بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ لله ربّ العالَمِين، والصَّلاةُ والسَّلام على خاتم النبيين محمد سيِّدِ الـمُرسَلِين، وعلى آله وصحبه الطاهرين الطيبين.
هنا قلبُ جبلٍ أشمّ، أي هو جبلٌ ذو أنَـفَةٍ وعِزَّة. رجالُهُ ذوو حَمِيَّة أي أنَّ كلَّ رجُلٍ منهُم يأْنَف أن يُضَام. والحكايةُ لديْنا التي يسمعُها أطفالُنا منذ الصِّغَر هي أنَّ في أرضِنا لا يتجذَّرُ السّنديانُ والأرزُ والزَّيتونُ العتيق وحسْب، بل تمتدُّ في شرايين التُّربةِ والمياهِ وقلوبِ النَّاس سجايا الفضيلةِ والمروءةِ والشَّهامةِ والشَّجاعةِ والأخلاقِ.
إنّ رجال هذه الطائفة لا تعرف خريفاً بوجود قائدٍ كبيرٍ هو وليد بك جنبلاط.
هذا الجبَل بكلِّ تراثِه كان نواةَ لبنان، أي الوطن العزيز الأبيّ الَّذي يجمعُ كلَّ أبنائه. ولم يأنسْ سكَّانُه عبر التَّاريخ بالتقوْقُعِ الطّائفيّ، أو بعُنصريَّةٍ بغِيضَة، أو بنُزوعٍ مرفُوض نحو الفئويَّة الضيِّـقة. تراثنا هو السعي الى الوحدة الوطنيّة، وحدةُ المسلك المؤدي الى العزّةِ الوطنية، وعبثاً نُنشدها بدون وحدة الثقافة ووحدة التوجيه في المدرسة ويتوجّب توحيد الكتاب المدرسي، وبهذه الثقافة تألّقت العرفان.
وأوّد ان أتوجّه اليوم الى الطلاب الناجحين وأنتم مقبلون على معترك الحياة في مجتمعٍ تتراكم فيه الصعوبات وتختلط فيه مفاهيم التحرر لأقول: للتحررِ طريقٌ اساسيٌّ يجب ان يبدأ من دائرةِ النفس.
علينا ان نتحرر من الحقد ومن الطمع وهما طريق المهالك والرذائل، علينا ان نتحرر من الغرور فهو شرٌ ومنقصة وإضرارٌ بالعقل.
وقال بعضهم: الأَنَانِيَّةُ تُوَلِّدُ الحَسَدَ، والحاسد لا ينعم ولا تطيب نفسُه الّا بزوالِ النعمةِ عن الآخرين، والحَسَدُ يُوَلِّدُ البَغْضاءَ، والبَغْضاءُ تُوَلِّدُ الاخْتِلافَ، والاخْتِلافُ يُوَلِّدُ الفُرْقَةَ.
علينا ان نتجنّب معشر السوء وثقافة الكتب والمجلات البعيدة عن الاخلاق. كذلك نحذّر من استخدام وسائل الاتصال الحديثة بخلاف قواعد الدِّين والأخلاق وخارج الضرورة الواجبة. وإنّ استخدامها للتعبير وحريّة الرأي يجب ان يبقى ضمن الآداب والحرية المسؤولة.
علينا ان نعلم ان العلمَ نورٌ ونار وقيل في ذلك:
إنمــا العِلمُ للنُـفوسِ مَحَـكٌ فهو يُبدِي لِكُلِ نَفسٍ وَسْـمَا
هو في الأنفسِ الكبيرةِ نـورٌ مُشرقٌ قد أزالَ عنها الظَلْـما
وهو في الأنفسِ الصغيرةِ نارٌ جَعَلَتها عندَ التلامُسِ فَحْمَا
وبهذه المناسبة وامام استحقاق انتخابات المجلس المذهبي نرى ان المجلس المذهبي ومشيخة العقل وبموجب التنظيم الصادر بتاريخ 12/6/2006 هما مظلةٍ جامعةٍ للموحدين الدروز وإذ نهنئ الفائزين بالتزكية ونكرر ما قلناه في بداية مهمتنا فإن دار طائفة الموحدين الدروز ستبقى مفتوحة أمام الطامحين إلى جمع الشمل وحفظ الإخوان، ورايتها خافقة بالمحبة والتسامح وحفظ الكرامة والإيمان.
واهالينا اليوم يحتفلون بتفوّق أولادهم، وفي محافظة السويداء عائلات تنتظر عودة اطفالها. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يفك أزرهم، وأن تُضفي المساعي في عودة المخطوفين الى ديارهم، كما نسأله الأمن والاستقرار لوطننا وللشعوب العربية.
ومَا التَّوفِيق إلَّا بالله، ﴿وَكَفَى باللهِ وليّـاً وكَفَى باللهِ نصيرا﴾.