بحث ..

  • الموضوع

بحث خاص بالطفل والتربية الدينية

التربية:

– تعريف التربية

– تعريف التربية الدينية

 

التربية

 

تعرّف كلمة تربية لغوياً بأنها : مصدر الفعل، ربا يربو بمعنى نما ينمو، وربّ الولد، أي أصلحه، وتولى أمره، وساسه، ورعاه، وأنشأ.

 

أما معنى التربية إصطلاحاً فهو التنشئة والتنمية، وهناك تعاريف كثيرة للتربية اختلفت باختلاف نظرة المربين وفلسفتهم في الحياة.

 

فأفلاطون (427 – 347 ق.م.) كان يقول : “إن التربية هي أن تضفي على الجسم والنفس كل جمال وكمال ممكن لها.”

 

وأبو حامد الغزالي (1059  -1111 م) يرى :” إن صناعة التعليم، هي أشرف الصناعات التي يستطيع الإنسان أن يحترفها، وإن أهم أغراض التربية هي الفضيلة والتقرب إلى ال.. “.

أما التربية في نظر الفيلسوف الألماني أمانويل كنت ( 1724 – 1804م) ، فهي : ” ترقية لجميع أوجه الكمال التي يمكن ترقيتها في الفرد.”

 

أما هربرت سبنسر (1820 – 1903م) فكان يرى “إن التربية هي إعداد المرء لأن يحيا حياة كاملة”.

 

أما أحدث التعاريف المتداولة في معظم الكتابات عن التربية، فهي : ” إن التربية عملية التكيف، أو التفاعل بين الفرد وبيئته التي يعيش فيها، وعملية التكيف، أو التفاعل هذه تعني تكيف مع البيئة الطبيعية، والبيئة الإجتماعية ومظاهرها، وهي عملية طويلة الأمد، ولا نهاية لها إلا بانتهاء الحياة.”

 

فالتربية إذن عملية تطبيع مع الجماعة، وعملية تعايش مع الثقافة، وهي بالتالي حياة كاملة في مجتمع معين، وتحت ظروف معينة، وفي ظل حكم معين، وتمشياً مع نظام محدود، وخضوعاً لمعتقد أو عقيدة ثابتة.

 

إنها عملية تشكيل وصقل للإنسان، وهي في النهاية النتاج الذي تشكل به أنفسنا، ونصبح بالتالي كما نحن عليه.

 

إن المفهوم الحضاري الشّامل للتربية يعني أنها العملية الواعية المقصودة وغير المقصودة لإحداث نمو
وتغير وتكيف مستمر للفرد من جميع جوانبه الجسميّة والعقلية والوجدانيّة من زوايا مكونات المجتمع وإطار ثقافته وأنشطته المختلفة الإجتماعيّة والإقتصاديّة والثقافيّة والعلميّة .

 التربية الدينيّة :

لقد أثبتت التجارب التربويّة أن خير الوسائل لاستقامة السلوك والأخلاق هي التربية القائمة على عقيدة دينيّة وقد اهتمت التربية الدّينية بتنشئة الأطفال والشباب على معرفة الدين وحسن الخلق والإهتمام بإقامة الروابط الأخويّة والعلاقات الطيبة بين الأفراد وعلى تنمية وتكوين الإنسان الصّالح الفاعل في المجتمع ضمن أهداف معرفيّة وجدانيّة سلوكيّة ويرى الدكتور محمد الفاضل الجمالي بأنها قد تحددت في :

1-       تعريف الإنسان بعلاقاته الإجتماعيّة ومسؤولياته ضمن نظام إجتماعي إنساني .

2-       تعريفه بمكانته بين الخليقة وبمسؤولياته الفرديّة في الحياة .

3-       تعريفه بالخليقة ( الطبيعة ) وتمكين الإنسان من استثمارها .

4-       تعريفه بخالق الطبيعة وعبادته .

 

إنّ التربية في مجتمعنا الديني تنفرد عن غيرها بجملة خصائص، فهي تربية ربانيّة تهدف إلى تربية الإنسان الصالح العابد الذي يحسن صلته بربه فيسلم من الصراع والتمزق الفكري لأن همومه تتجه إلى إرضاء الله سبحانه وتعالى، وهي تربية شاملة متكاملة في تنمية جوانب الإنسان الفكريّة والروحيّة والنفسيّة والإجتماعيّة والجسديّة، لأن الدين كل متكامل عبادةً ، وتشريعاً وسلوكاً . وهي واقعيّة تراعي واقع الفرد من حيث هو مخلوق وكونه عضواً في مجتمع. قال تعالى: ” الا يعلم من خلق وهو اللّطيف الخبير ” الملك آية 14 – وإنسانيّة تهتم بقضايا الإنسان ومشكلاته فهي ترتقي بأخلاقه وتهدف إلى سعادته في الدّنيا والآخرة، وغايتها أن يحيا الإنسان سعيداً ويفوز برضوان الله تعالى، وسلوكيّة لأنها تربية عمل يقترن بالقول فهي إيمان وإكباب عادات سلوكيّة حسنة مرتبطة بالعقل والرّوح والعاطفة والإحساس والمشاعر .

أهداف التربية:

– الهدف العقدي

– الهدف التعليمي

– الهدف التربوي

– الهدف الترفيهي

1)      الهدف العقدي :

أهل كل أمّة كتبوا أدبهم مستمدين ذلك من عقائدهم، فنجعل عقيدتنا تصل إلى الأطفال عن طريق الربط بهما وبين جميع حواسهم وملاحظاتهم ومداركهم، فعقيدتنا لا تصطدم بشيء من الحقائق العقليّة ، فتكون كلمة التوحيد موجودة في ذلك الأدب حتى تنمو معه.

يقول الغزالي: ” اعلم أن ما ذكرناه في ترجمة العقيدة ينبغي أن يقدم إلى الصبي في أول نشوئه حفظاً لا يزال ينكشف له معناه في كبره شيئاً فشيئاً “. لا بد من ترسيخ حب ال.. سبحانه وتعالى ومعرفة قدرته وإنه خالق الإنسان ومسيّر الكون، فينشأ الطّفل غير مشوش التّصور، وضعيف تهزه أول كلمة شك كذلك التركيز على صلته بأصحابه وعرض محبتهم له وفدائهم له ، ولا بد من استلهام كل أمر عقدي من القرآن الكريم فينشأ الطفل قادراً على التكيف لا تتنازعه الأهواء ويكون أكثر اتزاناً لأن العقيدة الصّحيحة غرست في قلبه وفكره بتمثلهم لها عن طريق تلك الآداب. يقول الغزالي : ” ويرسل إلى المكتب مبكراً فيتعلم القرآن وأحاديث الأخيار ، وحكايات الأبرار ليغرس في نفسه حب الصّالحين “.

2)      الهدف التعليمي :

لا بدَّ أن يضيف الأدب إلى أهله شيئاً قد يكون مفيداً أو ضاراً يقول عبد الفتاح أبو معال : ” ولما كان الإحساس بالحاجة إلى المعرفة عند الأطفال جزءاً من تكوينهم الفطري لأن غريزة حب الإستطلاع تنشأ مع الطّفل وتنمو معه، ومحاولة الطّفل التّعرف على بيئته تعتبر من العوامل الهّامة التي إذا عولجت بحكمة فإن ذلك يؤدي إلى تنمية ما يمكن أن يكون لديه من إمكانات وقدرات “. وأن يكون هذا الأدب يدرب الطّفل على قراءة القرآن وإجادة تلك القراءة مع فهم مبسط لمعاني ما يقرأ لكي يتذوق القرآن ويفهم ما يقرأ، كما يتعلم ما يقوِّم لسانه من لغته العربيّة فيزداد تعلقاً بها مع مراعاة القاموس اللّفظي للطفل لذلك لا يستطيع كل أديب الكتابة للأطفال.

وليكن الأدب محفزاً الطفل على اكتشاف كل جديد ومعرفة خفاياه ليعرف إبداع الخالق وعظمته، ليشبع في نفسه حب المعرفة ولتنمية ما لديه من هوايات لتصبح مهارات يتميز بها. قال محمد بريغش : ” وأدب الطفل يعين على اكتشاف الهوايات والحصول على المهارات الجديدة ويعمل على تنمية الإهتمامات الشخصيّة عند الطّفل “. ويمكن تشجيعه على استعمال تلك المعارف في حديثه مع غيره.

3)      الهدف التربوي:

إن التربية التي يتلقاها الطفل عن طريق الأدب أياً كان نوعه يقرؤها أو يسمعها أو يراها ، فإنها ترسخ في ذهنه فالطفل بطبعه ميال إلى تقليد غيره في الكبار بالحسن وبالقبيح، يجب أن يكون هذا الأدب مربياً للطفل على الأخلاق الحسنة الفاضلة متصفاً بالتوحيد وأن تكون الأهداف التربويّة منتقاه من تاريخ أمتنا وننمي فيهم روح الجهاد وبذل النفس والمال في سبيل ديننا كما وننمي فيهم روح المبادرة والقيام بالأعمال المفيدة، ونجعل هذا الأدب يطبعهم بطابع العزة والأنفة وعدم الإنحناء أمام ملذات الدّنيا.

4)      الهدف الترفيهي :

لأن الطفل يحب التسلية والترفيه ويمل من الجد ، فعندما نقدم له العقيدة والتعليم والتربية عن طريق الترفيه فلا بد أنه سيقبل عليها وتنغرس في ذهنه أكثر قال عبد الفتاح أبو مغال : ” والفيلم المصور المسجل بالصوت والمصاحب للحركة يساعد الأطفال على إيصال المادة التعليمية إلى جميع فئات الأطفال ، فهذه العناصر : الصّوت والصورة والحركة تقوي سرعة البديهة والذاكرة وتعزز القدرة على الفهم والحفظ “. فالطفل عندما يُكّون قصّة أو يشاهد فيلماً أو يقرأ فإنّه يستمتع بذلك ويتسلى به ولكنه يكتسب من تلك التسلية قِيَمَاً ومفاهيم إن صيغت بما نريد أفادت .

 

الطفولة:

– تعريف الطفولة

– مراحل الطفولة

الطفولة

إن مرحلة الطفولة أخطر وأهم مرحلة في حياة الإنسان إذ هي محطة بذر المبادئ والقيم والمفاهيم وهي البيئة التي تظهر فيها ميول الإنسان ونوازعه للمربي الجاد الذي جعل من ملاحظته ومتابعته سلوك الصغير معياراً يتعرّف بها على جبلته. والطفولة منعطف طرق خطر يتحدد من خلاله مسار الصغير في حياته كلها لذلك كله وغير، كانت مرحلة الطفولة محط أنظار المصلحين ومجمع اهتمام المربين ومجال بحث الباحثين فهي مرحلة سريعة الإلتقاط خالية من أي تعقيد ومن أي مؤثر خارج دائرة الوراثة. فهي مستعدة لتقبل البذور بشكل سريع لعدم وجود ما يمنعها من النمو في أرضها وهذا ما يعبّر عنه علي بن أبي طالب(ع): ” إنما قلب الحدث كالأرض الخالية ما ألقي فيها من شيئ قبلته”. فالطفل يولد ولديه قابليات واستعدادات وقدرات كافية وقابلة للنمو والتطور إذا ما تهيأت لها الوامل البيئية المناسبة والمناخات التربوية بالطريقة التي نحافظ فيها على أصالة فطرتهم والإبتعاد عن كل ما يعرضها للإنحراف. فإن ذلك هو الذي يمثل الحب الحقيقي في السير به إلى المستقبل الذي يؤهله للموقع الإيماني القريب من الـ.. وفي التعليمات الإسلامية الأخلاقية السلوكية تأكيد على التدرّج في التعامل مع الطفل حسب المراحب العمرية قال الرسول (ص) : “دع  ابنك يلعب سبع سنين، ويتعلم ويتأدب سبع سنين، وألزمه نفسك سبع سنين.” فالإسلام جعل التربية ضمن خطة مدروسة وتتحقق في عدة مراحل:

– المرحلة الجنينية :

تؤكد الدراسات النفسية أن حالة الأم الإنفعالية تنعكس سلباً أو إيجاباً على حالة الجنين لكونه جزءاً منها ينفعل ويتفاعل مع وضعها، فاستقرارها النفسي والوجداني يؤديان إلى راحة وأمن واستقرار وتوازن وليدها والعكس صحيح في حالة الإضطراب العاطفي … فعليها تهيئة كل الأجواء المناسبة للنمو الطبيعي للجنين بسماع الموسيقى المحللة أو القراءات المفرحة أو قراءة القرآن الكريم … ويضيف فضيلة الشيخ علي القرني :” ثبت العلم الحديث أن للجنين نفسيّة لا تنفصل عن نفسيّة أمّه فيفرح أحياناً ويحزن أحياناً وينزعج أحياناً لما ترتكبه أمّه من مخالفات ” وعليه أن التربيّة النفسيّة والدّينيّة الصّحيحة تبدأ ما قبل الولادة .

– مرحلة ما بعد الوضع حتى السنة الثانية :

بعد أن يولد الطّفل  ويبدأ بالرضاعة والنمو يكون أشدّ استقبالاً لمتغيرات الحياة من الشّاب البالغ . لأن الوليد يكون مثل الصّفحة البيضاء والجاهزة لخطوط الكتابة بينما يكون الشّاب قد أوشكت قناعته على الإكتمال فيصبح من الصّعب التلاعب بها . إن أهمية الطفولة المبكرة أو ” مرحلة ما قبل المدرسة ” حيث تتميز الطفولة الإنسانيّة بالصفاء والمرونة والفطريّة وعند زمناً طويلاً يستطيع المربي خلاله أن يغرس في نفس الطّفل ما يريد  وأن يوجهه حسبما ينفعه وكلما تدعم بنيان الطّفولة بالرعاية والإشراف والتّوجيه ، كانت الشخصيّة أثبت وأرسخ أمام الهزات المستقبلية التي ستعترض الإنسان في حياته وما يتربى عليه الطفل يثبت معه ويرسم الملامح الأساسيّة لشخصيته المقبلة فتقول مارغريت ماهمر : ” إن السنوات الثلاث الأولى من حياة كل إنسان تعتبر ميلاداً آخراً.” واتفق فرويد ويونغ وإدلر والبورت  “مدرسة التحليل النفسي  ” على أن السنوات الأولى هي مرحلة الصّياغة الأساسيّة التي تشكل شخصيّة الطفل.

– من الثالثة حتى السابعة :

يكون استقبال الطفل للمعلمومات ، واستفادته منها واقتداؤه بأهله في هذه المرحلة من أحسن حالاته كما يكون شغوفاً بالإستماع للقصص ، لذا يجب الإستفادة من هذا في رواية القصص التي توجهه للتصرف بالسلوك القويم الذي نتمناه له. وينبغي حين نتحدث عن اللـ.. معهم في هذا العمر أن نكون صادقين  ونبتعد عن المبالغات، فالـ.. موجود لأنه حيّ كريم، وهو أكبر من كل شيء، وأقوى من كل شيء وهو يرانا في كل مكان ويسمعنا ولو كنا وحدنا، وهو يحبنا كثيراً، وعلينا أن نحبه لأنه خلقنا وخلق لنا كل ما نحتاجه، وهو الذي يدخل المؤمنين الذين يحبونه الجنة.. ويتمتع في الجنة المسلم الذي يصلي ويصوم ويتصدق ويصدق مع الناس، ويطيع والديه، ويحترم الكبار، ويجتهد في دراسته، ولا يؤذي إخوته أو أصحابه، والـ,, تعالى يحب الأطفال، وسوف يعطيهم ما يريدون إذا ابتعدوا عن كل ما لا يرضيه.. وينبغي عدم الخوض في تفاصيل الذات الإلهية مع الطفل خشية من أي زلل قد نحاسب عليه.

– مرحلة بين السابعة والعاشرة :

وهي الطّفولة المتأخرة أو سن التمييز وهي مرحلة غاية في الأهميّة لذا لا يصح التهاون فيها ، ففهيا تبدأ ملكاته العقليّة والفكريّة في التفتح بشكل جيّد لذا فإنّه يحتاج إلى أن نصاحبه ونعامله كصديق ونغرس في نفسه فكرة العبوديّة لل.. تعالى بشكل عميق ويكون الطّفل مميزاً يسعى لإرضاء والديه من أجل كلمة مدح ويتطلع إلى تقليد الكبار ليرى نفسه كبيراً ويؤلمه أن يقال عنه صغير. في السابعة من العمر يبدأ الإنسان المرحلة الثالثة من نموه ولهذه المرحلة خصائص منها:

* إتساع الأفاق العقلية ( المعرفية ) للطفل، واتساع بيئته الإجتماعية عندما يدخل المدرسة ، ويبدأ في تعلم المهارات.

* يحب الطفل في هذه المرحلة المدح والثناء، ويسعى لإرضاء الكبار كي ينال منهم المدح والثناء، وهذه الصفة تجعل الصبي في هذه المرحلة ليناً في يد المربي، غير معاند في الغالب، بل ينفذ ما يؤمر به بجد واهتمام.

* يتعلم الصبي في هذه المرحلة المهارات اللازمة للحياة كما يتعلم القيم الإجتماعية والمعايير الخلقية، وتكوين الإتجاهات والإستعداد لتحمل المسؤولية، وضبط الإنفعالات، لذلك تعتبر هذه المرحلة أنسب المراحل للتطبيع الإجتماعي.

* يحصر الطفل قدوته وتلقيه في والديه حتى نهاية السابعة، ويقبل من أمه وأبيه إذا كانا مهتمين به أكثر من مدرس الصف الأول، ثم يبدأ بالتدرج في الخروج من دائرة التأثر القوي بالوالدين، وفي الثامنة والتاسعة يكاد يتساوى تأثير المدرس مع تأثير الوالدين، أما في بداية البلوغ فيصبح التحرر من سلطة الوالدين دليلاً على أن الطفل صار شاباً.

* في السابعة يكون الصبي مميزاً فيتطلع إلى تقليد الكبار ليرى نفسه كبيراً مثلهم.

– مرحلة العاشرة وما بعدها :

حيث يظهر بوضوح على الطّفل مظاهر الإستقلال والإعتداد بالنفس، والتشبث بالرأي ، والتّمرد على نصائح الوالدين وتعليماتهما. لأنه يريد التّحرر من قيودهما، فيميل أكثر إلى أصدقاءه، لذا فهذه المرحلة خطيرة لأنها تعيد بناء الطّفل العقلي والفكري من جديد وقد تؤدي إلى عواقب وخيمة إن أسيء التعامل مع الطّفل فيها وممّا يساعد على نجاح الوالدين، في الأخذ بيده إلى الصواب عن طريق الحوار الهادىء الهادف، وليس الحوار السلطوي ” اسمع واستجب ” ولا الحوار السطحي الذي يتجاهل الأمور الجوهريّة، وإنما الحوار الصحي الإيجابي الموضوعي الذي يرى الحسنات والسلبيات والعقبات وإمكانيّة التغلب عليها وهو حوار صادق وعميق واضح الكلمات ومدلولاتها وحوار واقعي يتصل إيجابيّاً بالحياة اليوميّة الواقعيّة واتصاله بتفهم وتغيير وإصلاح .

وبعض الآراء الأخرى في مراحل الطفل وتربيته:

تقول نظرية فرويد ونظرية بيجة حول النمو الخلقي : إن القواعد التي يتعلمها الطفل حتى سنوات محددة من عمره تعتبر أموراً خارجية وغير قابلة للتغيير، وغالباً ما تكون مقدسة. ويعتقد بيجة أن الأخلاق تنمو خلال مراحل متوالية، وبصورة منظمة كالذهن واللسان واللعب وتتبع كل مرحلة مرحلة أعلى من الإدراك الخلقي.

ويقسم نمو الطفل أخلاقياً إلى ثلاث مراحل وهي:

1-      المرحلة التي تسبق الأخلاق (Premoral) وتستمر هذه المرحلة حتى السنة الرابعة، حيث لا يشعر فيها الطفل بأية تبعية للقواعد الأخلاقية.

2-      المرحلة التعاقدية أو مرحلة إتباع الغير التي تمتد من سن الرابعة حتى السابعة من العمر حيث يبدو للطفل في هذه المرحلة أن جميع من هم أكبر منه سنّاً أقوياء ويرى نفسه ملزماً بالإنصياع لأوامر الكبار وتحمل تأديبهم.

3-      مرحلة اتباع النفس التي تمتد من السنة السابعة حتى السنة الثانية عشر، حيث يتقبل الطفل فيها القوانين والقواعد نظراً للأهداف والنتائج التي يبغيها.

وخصص كولبرغ وزملاؤه بحثهم لدراسة نمو قدرات الطفل في انتخاب السلوك، حسب الموازين الأخلاقية إذ أنهم طلبوا من عدد من الأطفال ارتكاب خلافات تتبعها أجور حسنة، ومن عدد آخر ارتكاب خلافات تتبعها عقوبات، فشاهدوا بعد التدقيق والتتبع أن الأطفال هم على ثلاثة مستويات.

1-      المستوى الأول: كان هدف الأطفال هو اللعب التلذذ وأنهم انصاعوا للقواعد الأخلاقية بغية التلهي والتلذذ أو للتخلص من العقوبة.

2-      المستوى الثاني: فهم يتبعون القواعد الأخلاقية بغية إيجاد علاقات حسنة مع الآخرين وكسب رضاهم.

3-      المستوى الثالث: الذي يعد أرفع من المستويين الآخرين إدراكاً حيث اقتنع الأطفال في هذا المستوى بأن القواعد الأخلاقية هي قوانين واجبة التنفيذ.

ويستنتج بعض المحققين من هذا الإستقراء بأن وجود مثل هذه المستويات يدل على عجز الطفل عن الإدراك وعدم إمكانية تربيته عقلياً إذ أنه لا يمكن تعليم المفاهيم الأخلاقية للطفل إلا بعد تكامل قواه الإدراكية والتأكد من قدرته على الإستنباط.

ففي البداية بتعلم الطفل حسن وقبح سلوكه من خلال أوامر ونواهي والديه ومن هم حوله، دون أن يعرف دليلاً على ذلك. وعليه يجب أن يتعلم حسن وقبح أفعاله، دون ذكر أي تبرير لذلك إلا بعد بلوغه مرحلة الإدراك والإستنباط.

أكد الحكماء المسلمون على عدم جدوى الإستدلال للطفل واعتبروا مرحلة الطفولة بأنها مرحلة تعويده على الآداب مع تأخير عملية إبداء الدليل على سلوك الطفل إلى حين بلوغه سناً يتمكن فيه من التفكير الإستنباطي.

ويقول الغزالي بهذا الخصوص:

” فإذا ربّي هكذا يجب أن يعلّم أسرار هذه الآداب عند بلوغه فمثلاً يقال له إن من دواعي الأكل هو حصول العبد على القوة اللازمة لإطاعة الباري عزّ وجل، والدنيا هي زاد الآخرة ، ولم تبق الدنيا لأحد والموت قادم فالعاقل من تزود من دنياه لآخرته ليدخل الجنة، وينال رضى الباري عز وجل، وإن يذكر له صفات الجنة والنار، وثواب وعقاب الأعمال، فإذا تعلم هذه الأمور من الصغير تصبح كالنقش على الحجر ، وإذا ما تركت كانت الأعمال كالتراب تذروه الرياح.”

وكما نعلم فإن النظام العقلي أوسع بكثير من فهم وإدراك الطفل. فإنه من الضروري إدخاله في عالم الإستدلال من خلال دائرة العادات والتقاليد. وإذا عرفنا بأن التربية هي تنمية قدرة الطفل على التحكيم المنطقي، فإن هذا التعريف سيكون صادقاً في الإنطباق على مرحلة ما بعد الطفولة. أما العلم لا يكفي وحده في إيجاد التربية ولكن العادات لها أثرها في المراحل اللاحقة والدليل على ذلك وجود الكثير ممن يعرفون الفضائل ويرتكبون الرذائل.

ويقول أرسطو : ” أن الأخلاق بحد ذاتها فن كسائر فنون الطب والهندسة وغيرها لا تكون ذات نفع إلا في وقت العمنل بها. حيث لا يستوي العلم بالنظريات الأخلاقية والعمل بها.

عوامل التربية:

–        الوراثة

–        التغذية

–        الأسرة

–        المدرسة

        الأصحاب

عوامل التربية

تعتبر التربية بشكل عام العامل الأساسي في سلوك الإنسان، ولن يتحقق هذا الأمر إلا باستناد التربية على العوامل المؤثرة في هيكلية الوجود البشري. والتي لا بد من الإهتمام بها للوصول إلى تربية ذات نتائج جيدة.

أما العوامل المؤثرة في تكوين شخصية الإنسان حسبما ذكر العلماء المسلمون هي: ( الوراثة ، التغذية ، الأسرة، المدرسة ، الأصحاب ).

1-      الوراثة :

عرف بعض العلماء الوراثة ” إنه علم يطالع أوجه التشابه والتباين بين الأبناء وآبائهم”. يؤكد عدد من علماء النفس على الدور الأساسي للوراثة في تحديد شقائه وسعادته وعن ذلك يقول فيجام Wiggam : ” تعتبر الوراثة أكبر وأهم عامل في تكوين ونشوء الشخصية بشكل يتحدد بها شقاؤه وسعادته في الحياة، والإختلاف الموجود بين الأفراد يعود إلى التباين في تركيبة الجينات لدى الأباء والأمهات.” ويؤيد ذلك عالم آخر يدعى جينكز Gennings حيث يقول:  “تعتمد كيفية النشاطات العقلية في جميع مراحل نمو الفرد على الجينات ويمكن القول بعدم وجود أي تباين في مظاهر الأفراد، إلا وللوراثة دور فيه.” ويشير الطوسي إلى دور الوراثة وتأثيرها على أخلاقية الإنسان وشخصيته: ” فالجوهر الحسن تؤثر التربية فيه تأثيرها الحسن، أما الجوهر السيء، فلا تؤثر فيه العمليات التربوية.” وقد أكدت الروايات الكثيرة على ضرورة التفحص عن المرأة التي يراد التزوج بها والإطلاع على أخلاقها قال الرسول (ص): “تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس”. كما منع الإسلام الزواج بالمرأة الحمقاء، للحيلولة دون إنجاب أولاد متخلفين عقلياً، قال الإمام الصادق(ع) : “إياكم وتزويج الحمقاء فإن صحبتها بلاء وولدها ضياع”. كما اعتبر الغزالي أن الوراثة إحدى النعم الإلهية فيقول: “وأما النسب الصالح فهو من النعم فقال الرسول(ص): ” تخيروا لأنفسكم الأكفاء وإياكم خضراء الدمن”. فقيل له وما خضراء الدمن فقال (ص) : المرأة الحسناء من منبت السوء. واعلم أنه لم يرد بالنسب رئاسة الدنيا بل نسب الدين لمعاشرة العلماء والصالحين وهذه نعمة، ويؤكّد الغزالي إمكانية إصلاح الوراثة بالتربية ، وقلع الجذور السيئة من أعماق الإنسان بها وذلك لتأثر نفس الطفل بالإضافة إلى بناء فطرة الإنسان على الخير.

2-      التغذية :

للتغذية آثار تربوية ونفسية بالإضافة إلى فوائدها البدنية فقد أمر الباري تعالى في كتابه المجيد : “فلينظرالإنسان إلى طعامه” أمرت الشريعة الإسلامية بتناول المال الحلال والإبتعاد عما كان حراماً أو مشتبهاً به، حيث أن للمال الحلال أثر أساسي على عملية النمو المعنوي والحركة التكاملية للإنسان ويقول جلال الدين الرومي ما مضمونه: “من أكل المال الحلال ينتج الحب والرقة والعلم والحكمة”. ويرى الغزالي أن أكل المال الحرام يقرب إلى ارتكاب الذنوب فيقول :” قيل من أكل من مال الشبهة أربعين يوماً أظلم قلبه وتصدأ “. وقال سهل التستري: “من أكل المال الحرام تورطت سبع من جوارحه بالحرام، شاء أو أبى ومن أكل من المال الحلال أضحت جميع جوارحه مطيعة شاء أم أبى وكان موفقاً”. ويستند الغزالي إلى القرآن الكريم فيقول: إعلم أن الـ.. عزّ وجلّ قال: “يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً.” ويرى أن على الأب  : تقبيح أكل المال الحرام لدى ولده وأن يذم ذلك دوماً”. ويرى إبن سينا أنه إذا عجزت الأم عن إرضاع طفلها فيمكن إرضاعه من قبل إمرأة أخرى مع رعاية مقوماته التالية : ” إذا كان ولداً فلا ترضعه إمرأة ترضع بنتاً لئلا تنتقل صفات الأنوثة إليه وإذا ارتضعت البنت من حليب الولد لم تكتف بزوج واحد ورغبت بمصاحبة الرجال دائماً”.

أن تكون المرأة التي ترضعه موحّدة صالحة، حسنة الأخلاق ، ترتزق من الحلال، لأن الأخلاق الذميمة تسري منها إليه، واللّبن الحاصل من الحرام  لا بركة فيه.

3-     الأسرة :

تعتبر الأسرة البيئة الأولى للطفل، حيث يفتح فيها عينيه ويعاشرها وينمو فيها، ولها الدور المهم في نمو شخصيته وسلوكه، ويعتبر الغزالي “الطفل أمانة بيد والديه خالٍ من جميع النقوش ، وبيدهما سعادته وشقاؤه يزرعون في قلبه ما يريد”. وفي كتاب الإرشاد والتعليم من تصنيف بعض المتصوفة: ” إن الطفل مرآة لأسرته تنعكس فيها كل حسنة وسيئة.” وقد خصص إبن سينا فصلاً تحت عنوان (أسرة الإنسان) حيث قال: ” إن الإنسان بحاجة إلى المكان ليدخر فيه ما حصل عليه لوقت حاجة.

ويرى إبن سينا أن السبب الآخر في إقدام الإنسان على تشكيل الأسرة حيث يقول: ” أول ما يجب الإهتمام به في الزواج هو من أجل التناسل لأنه السبب في بقاء النوع البشري، وبقاؤه دليل على وجود ال..” . وللأب في نظر إبن سينا الدور الأساسي في الحفاظ على الأسرة وتربيتها التربية الحسنة حيث يقول : ” يعتبر الرجل رئيساً للأسرة ومسؤوليتها عليه ووظيفة العمل من أجل الحفاظ عليها، وتوفير مستلزماتها الحياتية. وتدبير أمورها وتوجيه أفراد أسرته لممارسة الأعمال الحسنة مع تحذيرهم من ممارسة الأعمال السيئة.”

ويعرض الطوسي تحليلاً نفسياً لدوافع الأب في تربية طفله حيث يقول : ” تكمن في أعماقه محبته لولده حيث يرى أنه نسخة منه وأنه يرى نفسه فيه لأن حكمة الباري اقتضت إلهام الأب أن إنشاء إبنه سبباً ثانياً في إيجاده، ولهذا السبب يريد الأب لإبنه ما يريده لنفسه من كمال ويسعى لتوفير ما فاته من الخير والسعادة، ولن يتضجر عنه سماع أن ابنه أفضل منه، في حين أنه يتضجر إذا سمع أن غيره أفضل منه…”  ويخاطب الإمام علي بن الحسين (ع) الأب منبهاً إياه فيقول : ” واما حق ولدك فتعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره وأنك مسؤول عما وليته من حسن الأدب والدلالة  على ربه وطاعته..”

وحول هذه المسؤوليات كتب الغزالي في كتاب ( الأدب والدين) تحت عنوان آداب الأب مع أولاده:  ” على الأب الإحسان لأولاده وأن لا يتوقع منهم أكثر من طاقاتهم.. وأن لا يمنعهم من طاعة الـ.. وأن لا يمن عليهم بتربيتهم”. ويرى أيضاً أن للأولاد حقوقاً على الأسرة منحت لهم وأهمها:

1-     الإحسان، ورد في الحديث: ” أكرموا أولادكم واحسنوا آدابهم يغفر لكم.”

2-     الإحتراز وعدم معاملة الطفل بشكل سيء، وعدم تنمية حالة العصيان لديه.

3-     رعاية العدالة مبدأ ” أحببت لأخيك ما تحب لنفسك”. حيث يجب أن نتعامل مع الآخر من خلال ظروفه لا من خلال ظروفنا نحن.

والأم الحكيمة تحبب الـ.. إلى صغيرها، فلا تذكر إسم الـ.. تعالى أمامه إلا في الموقف المسعدة، ولا تكثر في التهديد بالنار وبغض الجبّار، فتسلب طفلها الأمن والإستقرار .. والأم الواعية تربي طفلها على الحب والرجاء أولاً، وكلما كبر الطفل خوّفته من الـ.. أكثر حتى يستطيع ولدها أن يطير في فضاء الإيمان إلى رضوان ربه بجناحين من خوف ورجاء، يخفق بينهما قلب نابض بالحب والشكر.

ومما يقوي علائق الحب أن تربط المربية ولدها بالقرآن الكريم قراءة وتدبراً وتطبيقاً. يقول الشيخ إبن تيمية: “القرآن هو السجل الحقيقي للوجود…” إن التربية على الحب والإيمان هي ذروة التربية العليا على الإطلاق.

إن أكثر الإتجاهات شيوعاً لدى الآباء والأمهات رغبتهم في جعل أولادهم صورة لهم وسعيهم إلى فرض رغباتهم وأفكارهم الخاصة على الأبناء. في موضوع رضى الوالدين، قيل:” لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.”

والمربي الناجح يحاور طفله كل همومه، وفي جميع اهتماماته، بلغة محببة يفهمها. ولا يستهين بإمكانات طفله الفكرية وبقدرته على الإستيعاب وبالحوار المنطقي السليم يستطيع الأبوان أن يثيرا إهتمام طفلهما وأن يغرسا فيه القيم والأفكار. وأن يعلماه التفكير العميق والمنطق الحسن، وأن ينفيا عنه عقليه البعد الواحد. وتنغرس في نفس المربي الثقة بأن طفله يصاحبه متنقلاً في درجات سلم الأفكار. إن كل ما كتب وصور وقرئ ليقرأه ويراه ويسمعه الطفل.

4-     المدرسة :

للمدرسة أهمية كبرى في تربية الطفل بفضل النظام الذي تعتمده في التربية وكثافة المفردات المعرفية التي يتلقاها الطفل وتدريبه على تحمل من خلال الواجبات والفروض العلاقات الإجتماعية مع الرفاق والمجتمع المتنوّع وهذه أمور تساعد على بلورة شخصية الطفل وتجربته لكن المدرسة ليست مجرّد ساحة لحشر المعلومات في ذهن الطالب أو الطالبة، بل هي ساحة تنشئة الإنسان وتأهيله ليصبح إنساناً صالحاً في علمه وفي أخلاقه وفي علاقته مع الناس ومع الحياة، لذلك فإن التربية الدينية كالتربية البدنية تتصل بالجانب الروحي والأخلاقي والإجتماعي والنفسي بالنسبة للطالب، ومن الطبيعي للمدرسة أن تتوصل إلى تربية الطالب دينياً لأن العلم بلا أخلاق وبلا دين قد يدمّر صاحبه، والمجتمع والدين كأي مادة ثقافية يمتزج فيها الجانب الروحي بالجانب الفكري وينفتح فيه الإثنان على الخط الأخلاقي، لابدّ من أن يدرّس بأسلوب محبب هو أقرب إلى التدريب منه إلى التلقين.

وكتاب الدين في هذا الإطار يمثل مصدراً للطالب يعود إليه كلما احتاج إلى تركيز أو مراجعة معلوماته الدينية. فلا بد في رأيي من تحديد حصص معينة للثقافة الدينية ، لكن ذلك لا ينفي الحاجة إلى جعل المدرسة كلها منفتحة على الموضوع الديني كأن يقحم في دراسة قواعد اللغة العربية ببعض الكلمات والجمل الدينية أو تربط العلوم الطبيعية أو علم الحيوان أوعلم النبات أو علم الإنسان بالـ… سبحانه وتعالى، باعتبار أن كل الموجودات الحية والجامدة تشكل تجليات ومظاهر عن عظمة الـ.. ولما أودعه في الكون من قوانين وأسرار تؤكد على عظمة الـ.. وقدرته تعالى.

وفي ظل الإنفتاح الموجود في العلاقات بين الذكور والإناث لابد من تحديد مجال الإختلاط فنحن لسنا مع الفوضى، وعلينا أن نضع ضوابط مستمدة من طبيعة القيمة التي نؤمن بها، والقيمة لدينا كالقانون الرادع، وهذه القوانين توضع من أجل المحافظة على النظام وعلى إنقاذ الإنسان من نفسه ومن غيره دون أن تخنقه وكذلك عندما نؤمن بقيمة من القيم علينا أن نصنع المناخ الذي يمكن أن تنحو فيه تلك القيمة ونضع الضوابط التي يمنع الفرد من الإنحراف دون أن تدخل في تفاصيل تلك القيمة ومدى ضرورتها.

فالفوضى لا يمكن أن تكون وعاءً لحرية الإنسان وفي الأصل لدينا عدم إختلاط لكن لا مانع من الإختلاط الإنساني الذي يعطي الذكر والأنثى مجال الإشتراك في التجربة الإنسانية ويكون الأمر مختصراً على مسألة اللقاء التلقائي الذي تفرضه طبيعة الحياة بين الناس سواء أكان ذلك باختيارنا أم لا إذا علينا أن نطرح عدم الإختلاط كعلاج للإنحراف ونقدم لهم هذا العلاج كتجربة جديدة بأن تكون نموذجاً صالحاً للإقتداء من قبلهم فالدين لم يحرم الإختلاط من حيث المبدأ، إنما حرّم نوعية الإختلاط التي قد تؤدي إلى الإثارة الممهدة للأفعال المحرّمة وتجدر الإشارة أن بعض من يؤمنون بالقيم الأخلاقية يتّبعون أسلوباً حياتياً يهدد القيم التي يلتزمون بها- ومن الحسن أن نبين أن الإرتكازات التي تقوم عليها عملية التربية السليمة قد لا تتوفر لدى بعض المربين وهنا نحن بحاجة لتجديد هوية هذا المربي وإمكانية اللازم وجودها فيه من أولى  ما يجب أن يتصف به المربي أن يحوز شيئاً من العلم الشرعي. فالتربية الدينية هي إعداد المرء للعبودية للـ.. تعالى، وكذلك عليه أن يضيف إلى ذلك ثقافة عامة مناسبة يدرك بها ما حوله إضافة إلى معرفته بالإنسان وطبيعة المراحل التي يمربها الطفل وكيف يتعامل معها ومن صفاته أن يمتلك القدرةعلى العطاء وبطريقة حسنة وقدرته على المتابعة فالتربيةعملية مستمرة لا يكفي فيها توجيه عابر إنما يحتاج إلى المتابعة والتوجيه المستمر ويصاحبه القدرة على التقويم الصحيح الفعّال والمؤثر الذي قد يكون قاسماً للنجاح وكذلك الإستقرار النفسي والهدي الحسن والإعتدال والإتزان فالمربي قدوة بأعماله وسلوكه.

وحين نسعى لاستجماع هذه الصفات في كل مربي بالقدر الأمثل فنحن نبحث عن عناصر نادرة. لا يمكن أن تفي بجزء من متطلبات الجهد التربوي المنوط بالصحوة اليوم، لكنها منارات تسعى للتطلع إليها والإقتراب منها متذكرين أن النقص والقصور سمة بشرية وما يجب على المربي مراعاته:

1-      مراحل عمر الصغير ومراعاة الإختلاف بين كل طفل وآخر.

2-      عليه أن يعلم فطرة الصغير سليمة.

3-      يعلم أن الأخلاق تتقبل التغيير من حسن إلى سيء ومن سيء إلى حسن.

4-      عليه أن يوطن نفسه على الصبر، فإن مرحلة الطفولة طويلة.

5-      يعلم أن الصغير يملك قدرات عقلية عظيمة ، كالذكاء أو سرعة التذكر.

5- الأصحاب:

قال الرسول (ص) : ” المرء على دين خليله” وأيضاً ” مثل الجليس الصالح مثل العطاء إن لم يعطك من عطره أصابك من ريحه.” وقيل شعراً:

عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه              فكــل قريـن بالمقــارن يقـتدى

إذا كنت من قوم فصاحب خيارهم               ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي.

 

ويقول الطوسي عن التأثير البالغ للجليس على صاحبه: ” يجب في قانون الحفاظ على صحة النفس إيثار معاشرة الأشخاص الذين يشاركون في تلك الخصال والإحتراز عن مجالسة الأشرار والمنحرفين كالمشهورين بالمجون والإحتراز عن الإصغاء لحديثهم وكلامهم من قد يتسبب في تلويث النفس بالأدوات مما يصعب تطهيرها منها، فإن مثل هذه الأمور تؤدي إلى فساد الفضلاء البارزين وعامل من عوامل غواية العلماء وذوي البصيرة فكيف الحال بالشباب والمتعلمين الجدد” . ويرى الغزالي أيضاً : ” إن قرين السوء هو سبب جميع المفاسد”. ويحذرنا الغزالي من عواقب إهمال رعاية هذه الحقيقة بالقول: ” يجب منع الطفل من معاشرة قرين السوء وإلا لأصبح مهملاً وكاذباً وعنيداً وجزئياً ولما زالت هذه الرذائل من طباعه إلا بمرور فترة طويلة.”

أساليب التربية :

–        التربية بالملاحظة

–        التربية بالعادة

–        التربية بالموعظة والقدوة

–        التربية بالترغيب والترهيب

أساليب التربية

التربية وسيلة من وسائل بناء الشخصيّة الإنسانيّة وقال الغزالي لدى تعريفه التربية بأن على المربي أن : ” يزيل الإختلاف من الإنسان ويحل الأخلاق الحسنة محلها وهذا هو معنى التّربية ” وعلى هذا يرى بأن التّربية أمر تكويني هدفه إيجاد الأخلاق الحسنة لدى الإنسان كما ويبين الهدف من تربية الإنسان فيقول : ” لم يتطهر الباطن حتى تتطهر القوى الأربعة الكامنة فيه وهما قوة العلم وقوة الغضب وقوة الشهوة وقوة التّوازن بينهما “.

 * للتربية أساليب متعددة منها :

 1- التربية بالملاحظة :

المقصود منها ملاحقة الولد وملازمته في التكوين العقيدي والأخلاقي ومراقبته وملاحظته في الإعداد النفسي والإجتماعي، والسؤال المستمر عن وضعه وحاله في تربيته الجسميّة وتحصيله العلمي وهذا يعني أن الملاحظة لا بد أن تكون شاملة بجميع جوانب الشّخصيّة. كما ينبغي الحذر من التضييق على الولد لأن الطّفل المميز والمراهق يحب أن تثق به وتعتمد عليه ويكون مسؤولاً عن تصرفاته فلا بد من المداراة دون إساءة إلى الطّفل أي الرفق في التعليم وفي الأمر والنهي والتسامح معه أحياناً، لأن المحاسبة الشّديدة لها أضرارها التربويّة والنفسيّة .

2- التربية بالعادة :

يُعرِّف الطوسي العادة فيقول : ” أما العادة فهي اختيار عمل ما بعد التّمعن فيه والبدء بتطبيقه بتكلف حتى يألف عليه بعد تكراره ويصدر منه بسهولة فيصبح خلقاً من أخلاقه ” . ويقول أرسطو : ” .. إن تكرار الأعمال الحسنة والسيئة يؤدي إلى إيجاد الصفات الحسنة والسيئة ” . ومن ذلك فالعادة هي أساس التربية وقد أدى أرسطو أهمية بالغة لفترة الطّفولة بقوله :” وعلى هذا الأساس يجب عدم التغاضي عن العادات المختلفة التي تتكون لدى الإنسان منذ سن الصبا فإن لتلك العادات أهمية فائقة .” وأكد الغزالي في كتابه أن جانباً كبيراً من الفضائل والرذائل هي نتيجة للعادات التي يكتسبها الإنسان خاصة في مرحلة الطّفولة .

والأصل في التربية بالعادة حديث النبي (ص) في شأن الصّلاة لأن التّكرار الذي يدوم ثلاث سنوات كفيل بغرس العبادة حتى تصبح راسخة في النفس ، وكذلك إرشاد ابن مسعود (ر) حيث قال : ” وعودوهم الخير ، فإن الخير عادة ” لكي نعوِّد الطفل على العبادات والعادات الحسنة يجب أن نبذل الجهود المختلفة ليتم تكرار الأعمال والمواظبة عليها بالترتيب والترهيب والمتابعة وترجع أهميّة التّربية بالعادة إن حسن الخلق بمعناه الواسع يتحقق من وجهين الأول : الطبع والفطرة ، والثاني : التّعود والمجاهدة ، ولما كان الإنسان مجبولاً على الدين والخلق الفاضل كان تعويده عليه يرسخه ويزيده .

4-     التربية بالموعظة والقدوة:

 أ- الموعظة:

تعتمد الموعظة على جانبين الأول بيان الحق وتعريه المنكر ، والثاني : إثارة الوجدان ، فيتأثر الطّفل بتصحيح الخطأ وبيان الحق وتقل أخطاؤه ، وأمّا إثارة الوجدان فتعمل عملها ، لأن النفس فيها استعداد بما يُلقى إليها، والموعظة تدفع الطّفل إلى العمل المرغب فيه .

ومن أنواع الموعظة :

1- الموعظة بالقصة ، وكلما كان القاص ذا أسلوب متميز جذاب استطاع شد انتباه الطّفل والتأثير فيه ، وهو أكثر الأساليب نجاحاً .

2- الموعظة بالحوار تشد الإنتباه وتدفع الملل إذا كان العرض حيوياً ، وتتيح للمربي أن يعرف الشبهات التي تقع في نفس الطّفل فيعالجها بالحكمة .

3- الموعظة بضرب المثل الذي يقرب المعنى ويعين على الفهم .

4- الموعظة بالحدث ، فكلما حدث شيء معين وجب على المربي أن يستغله تربوياً ، كالتعليق على مشاهد  الدمار الناتج عن الحروب والمجاعات ليذكر الطفل بنعم الل… ويؤثر هذا في النفس ، لأنّه في لحظة انفعال  ورقة فيكون لهذا التوجيه أثره البعيد .

وهدي السلف في الموعظة : الإخلاص والمتابعة ، فإن لم يكن المربي عاملاً بموعظته أو غير مخلص فيها فلن تفتح له القلوب ، ومن هديهم مخاطبة الطفل على قدر عقله والتلطف في مخاطبته ليكون أدعى للقبول والرّسوخ في نفسه ، كما أنّه يحسن اختيار الوقت المناسب فيراعي حالة الطّفل النفسيّة ووقت انشراح صدره وانفراده عن الناس ، وله أن يستغل وقت مرض الطّفل ، لأنّه في تلك الحال يجمع بين رقّة القلب وصفاء الفطرة ، وأما وعظه وقت لعبه أو أمام الأباعد فلا يحقق الفائدة .

ويجب أن يَحْذر المربي من كثرة الوعظ فيتخوّل بالموعظة ويراعي الطّفل حتى لا يملّ , ولأن تأثير الموعظة مؤقت فيحسن تكرارها مع تباعد الأوقات .

ب- القدوة:

يقول الل.. عز وجل في كتابه الكريم } لكم في رسول الل.. أُسوَةٌ حَسنةٌ{ وهو خطاب شامل للإنسانيّة جمعاء، أما الوالدين فهما قدوة الطّفل وهما منبع القيم لديه بقول رسول الل.. ” ما من مولود إلا ويولد على الفطرة: فأبواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه “.

ومن الضروي أن يكون النموذج الذي يقتدي به الطّفل نموذجاً صالحاً يعبر عن تلك القيم لا باللسان فقط أو بالدعوة إليه ، بل يجب أن تمتثل تلك القيم في سلوك الوالدين أو من يحتذي بهم الطفل .

فالطفل لا يحنذي بالقول فقط بل يعتبر في النموذج الملاحظ له من خلال السلوك ، وقد نبّه المنهج التربوي الإسلامي إلى هذا الفصل بين القول والفعل بالنسبة للنموذج كما في قوله تعالى } أتأمُرُون النّاس بالبرّ وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتب أفلا تعقلون{(سورة البقرة آية 44) فمن يتصدى لأن يكون أنموذجاً في المجتمع سواء على مستوى الأنموذج العقيدي أو على مستوى النموذج الأسري ، فعليه أن يطابق بين قوله وفعله وإلا فسيكون مظهراً من مظاهر النفاق التي تدعو الأخرين إلى نبذه وعدم اتباعه ، وفي هذا الصّدد أشار الإمام جعفر الصّادق عليه السلام ” بروا آباءكم يبركم أبناؤكم ”

فمن استطاع أن يستحضر سلوكاً حسناً في حياته اليوميّة فإنه يقدم بذلك الأنموذج والقدوة الحسنة لأطفاله ، لاستيعاب السلوك ولمتصاص تلك القيم حتى وإن غفل من الدّعوة إليها أو الحث عليها .

فهناك قدر كبير من سلوك الأطفال يكتسب عن هذا الطريق ملاحظة النموذج أو القدوة ، وما يؤيد ذلك سلسلة التجارب والبحوث التي دارت حول السلوك العدواني لدى الأطفال حيث تبين أن السلوك العدواني يظهر لدى الأطفال الذين يظهر كلا والديهم أو أحدهما سلوكاً عدوانياً أمام الطّفل ، فيقوم الطّفل بتقليد تلك الإستجابات العدوانيّة مع الآخرين.

وقد يشاهد الطّفل نموذجاً لشخصيّة عدوانية في التلفزيون فيقوم بتقليد ذلك النّموذج ، وبالعكس إذا شاهد الطّفل نموذجاً متسامحاً محباً فيقلد سلوك الحس والتسامح ، على أن تحظى تلك الشّخصيّة بملاحظة الطّفل وعلى تقبلها واستيعابها كأنموذج أو قدوة .

4- الترغيب والترهيب

 هنا يلعب دور المحفز للسلوك الإيجابي والعكس صحيح بالنسبة إلى العقاب ونحرم أنفسنا من أمور كثيرة نرغبها خوفاً من نتائجها السلبيّة علينا .

الترغيب والترهيب تتصل بشعوريّ الرغبة والرهبة في تكوين الإنسان وهما شعوران مهمان في ضمان حمايته لنفسه وبالنسبة للطفل إن هدف استخدام الترغيب والترهيب ما هو إلاّ تنمية شخصيته وإنسانيته وعقله ، إن عملية التّربية أننا نريد من خلالها جعل الطفل يختزن أفكاراً معينة في عقله ، ومشاعر معينة في قلبه ، وحمله على التحرُّك نحو أهداف معينة عبر طرق محدّدة .

إن عملية الترغيب والترهيب تشبه الدّواء ، فهي تحتاج إلى التدقيق في كمية الجرعة التي نهبها للطفل في هذا المجال أو ذاك .

1- التربية بالترغيب والترهيب :

الترهيب والترغيب من العوامل الأساسية لتنمية السلوك وتهذيب الأخلاق وتعزيز القيم الإجتماعيّة .

 أ- الترغيب :

ويمثل دوراً مهماً وضروريّاً في المرحلة الأولى من حياة الطفّل ، لأن الأعمال التي يقوم بها لأول مرة شاقة تحتاج إلى حافز يدفعه إلى القيام بها حتى تصبح سهلة ، كما أن الترغيب يعلمه عادات وسلوكيات تستمر معه ويصعب عليه تركها .

الترغيب نوعان : معنوي ومادي ، ولكل درجاته فابتسامة الرضا والقبول ، والتقبيل والضّم ، والثناء ، وكافة الأعمال التي تُبهج الطّفل هي ترغيب في العمل .

ويرى بعض التربويين أن تقديم الإثابة المعنويّة على الماديّة أولى ، حتى ترتقي بالطفل عن حب المادة ، وبعضهم يرى أن تكون الإثابة من جنس العمل ، فإن كان العمل ماديّاً نكافئه ماديّاً والعكس .

وهناك ضوابط خاصّة تكفل للمربي نجاحه ، ومنها :

” أن يكون الترغيب خطوة أولى يتدرج بعدها إلى التّرغيب فيما عند الل.. من ثواب دنيوي وأخروي .فمثلآ يرغب الطفل في حسن الخلق بالمكافأة ثم يقال له : أحسن خلقك لأجل أن يحبك والدك وأمك ، ثم يقال ليحبك الل… ويرضى عنك ، وهذا التّدرج يناسب عقلية الطّفل.

  • الا تتحول المكافأة إلى شرط للعمل ، ويتحقق ذلك بألا يثاب الطّفل على عمل واجب كأكله وطعامه أو ترتيبه غرفته ، بل تقتصر المكافأة على السلوك الجديد الصّحيح ، وأن تكون المكافأة دون وعد مسبق ، لأن الوعد المسبق إذا كثر أصبح شرطاً للقيام بالعمل .
  • أن تكون بعد العمل مباشرة في مرحلة الطّفولة المبكرة ، وإنجاز الوعد حتى لا يتعلم الكذب وإخلاف الوعد ، وفي المرحلة المتأخرة يحسن أن نؤخر المكافأة بعد وعده ليتعلم العمل للآخرة ، ولأنه ينسى تعب العمل فيفرح بالمكافأة .

ب‌-     التّرهيب :

أثبتت الدّراسات الحديثة حاجة المربي إلى التّرهيب ، وأن الطّفل الذي يتسامج معه والداه يستمر في إزعاجهما ، والعقاب يصحح السّلوك والأخلاق، والتّرهيب له درجات تبدأ بتقطيب الوجه ونظرة الغضب والعقاب وتمتد إلى المقاطعة والهجر والحبس والحرمان من الجماعة أو الحرمان المادي والضّرب وهو آخر درجاتها. ويجدر بالمربي أن يتجنب ضرب الطّفل قدر الإمكان، وإن كان لا بد منه ففي السّن التي يميز فيها ويعرف مغزى العقاب وسببه.

وللترهيب ضوابط ، منها :

 

  • إن الخطأ إذا حدث أول مرة فلا يعاقب الطّفل ، بل يعلم ويوجه .
  • يجب إيقاع العقوبة بعد الخطأ مباشرة مع بيان سببها وإفهام الطّفل خطأ سلوكه ، لأنّه ربما ينسى ما فعل إذا تأخرت العقوبة .
  • إذا كان خطأ الطّفل ظاهراً أمام إخوانه وأهل البيت فتكون معاقبته أمامهم ، لأن ذلك سيحقق وظيفة تربويّة للأسرة كلّها .
  • إذا كانت العقوبة هي الضّرب فينبغي أن يسبقها التحذير والوعيد، وأن يتجنب الضّرب على الرأس أو الصّدر أو الوجه أو البطن، وإن ذكر الطّفل ربّه واستغاث به فيجب إيقاف الضّرب، لأنّه بذلك يغرس في نفس الطّفل تعظيم الل..
  • ويجب أن يتولى المربي الضّرب بنفسه حتى لا يحقد بعضهم على بعض .
  • ألا يعاقبه في حال الغضب ، لأنه قد يزيد في العقاب .
  • أن يترك معاقبته إذا أصابه ألم بسبب الخطأ ويكفي بيان ذلك .

 

–        ضوابط التربية بالترغيب والترهيب :

 

وهذه الضوابط بإذن الل… تحمي الطّفل من الأمراض النفسيّة ، والإنحرافات الأخلاقيّة ، والإختلالات الإجتماعيّة ، وأهم هذه الضّوابط :

 

1- الإعتدال في التّرغيب والتّرهيب :

 

لعل أكثر ما تعانيه الأجيال كثرة التّرهيب والتّركيز على العقاب البدني ، وهذا يجعل الطّفل قاسياً في حياته فيما بعد أو ذليلاً ينقاد لكل أحد ، ولذا ينبغي أن يتدرج في العقوبة ، لأن أمد التربية وسلم العقاب قد ينتهي بسرعة إذا بدأ المربي بأخره وهو الضّرب ، وينبغي للمربي أن يتيح للشفعاء فرصة الشفاعة والتّوسط للعفو عن الطّفل ، ويسمح له بالتوبة ويقبل منه ، كما أن الإكثار من التّرهيب قد يكون سبباً تهوين الأخطاء والإعتياد على الضّرب ، ولذا ينبغي الحذر من تكرار عقاب واحد بشكل مستمر ، وكذلك إذا كان أقل من اللازم ، وعلى المربي الا يكثر من التهديد دون العقاب ، لأن ذلك سيؤدي إلى استهتاره بالتهديد ، فإذا أحسن بذلك فعليه أن ينفذ العقوبة ولو مرة واحدة ليكون مهيباً.

والخروج عن الإعتدال في الإثابة يعوِّد على الطّمع ويؤدي إلى عدم قناعة الطّفل إلا بمقدار أكثر من السّباق.  كما يجب على المربي أن يبتعد عن السّب والشتم والتّوبيخ أثناء معاقبته للطفل ، لأن ذلك يفسده ويشعره بالذّلة والمهانة ، وقد يولد الكراهية ، كما أن على المربي أن يبين للطفل أن العقاب لمصلحته لاحقداً عليه .

وليحذر المربي من أن يترتب على الترهيب والترغيب الخوف من المخلوقين خوفاً يطغى على الخوف من الخالق سبحانه ، فيخوف الطفل من الل.. قبل كل شيء ، والخوف من غضبه ، وليحذر أن يغرس في نفسه مراعاة نظر الخلق والخوف منهم دون مراقبة الخالق والخوف من غضبه ، وليحذر كذلك من تخويف الطّفل بالشرطي أو الطّبيب أو الظّلام أو غيرها ، لأنّه يحتاج إلى هؤلاء ، ولأن خوفه منهم يجعله جباناً .وبعض المربين يكثر من تخويف الطفل بأن الل.. سيعذبه ويدخله النّار , ولا يذكر أن الل.. يرزق ويشفي ويدخل الجنة فيكون التّخويف أكثر ممّا يجعل الطفل لا يبالي بذكره النّار ، لكثرة ترديد الأهل ” ستدخل النّار ” أو ” سيعذبك الل.. ، لأنك فعلت كذا ” ، ولذا يحسن أن نوازن بين ذكر الجنّة والنّار ، ولا نحكم على أحد بجنة أو نار بل نقول : أن الذي لا يصلي لا يدخل الجنة ويعذب بالنار .

 

مراعاة الفروق الفردية :

 

تتجلى حكمة المربي في اختياره للأسلوب التربوي المناسب من أوجه عدّة منها :

  1. أن يتناسب الترهيب والتّرغيب مع عمر الطّفل ، ففي السّنة الأولى والثّانية يكون تقطيب الوّجه كافيّاً عادة أو حرمانه من شيء يحبه ، وفي السّنة الثالثة حرمانه من ألعابه التي يحبها أو من الخروج إلى الملعب .
  2. أن يتناسب مع الخطأ ، فإذا أفسد لعبته أو أهملها يُحرم منها ، وإذا عبث في المنزل عبثّاً يصلح بالترتيب كلّف بذلك ، ويختلف عن العبث الذي لا مجال لإصلاحه .
  3. أن يتناسب مع شخصيّة الطّفل، فمن الأطفال من يكون حساساً ليناً ذا حياء يكفيه العتاب ، ومنهم من يكون عنيداً فلا ينفع معه إلا العقاب ، ومنهم من حرمانه من لعبه أشد من ضربه ، ومنهم من حرمانه من أصدقائه أشد من حرمانه من النقود أو الحلوى.
  4. أن يتناسب مع المو اقف، فأحياناً يكون الطّفل مستخفياً بالخطأ فيكون التّجاهل والعلاج غير مباشر هو الحل الأمثل، وإن عاد إليه عوقب سرّاً، لأنّه إن هتك ستره نزع عنه الحياء فأعلن ما كان يسر .وقد يخطىء الطّفل أمام أقاربه أو الغرباء، فينبغي أن يكون العقاب بعد انفراد الطّفل عنهم ، لأن عقابه أمامهم يكسر نفسه فيحس بالنقص، وقد يعاند ويزول حياؤه من النّاس.
  5. المراوحة بين أنواع الثّواب والعقاب، لأن التكرار يفقد الوسيلة أثرها.
  6. مراعاة الفروق الفرديّة في التّربية فالولد البالغ أو المراهق يكون عقابه على انفراد ، لأنّه أصبح كبيراً ، ويجب أن يحترمه إخوانه الصّغار ، ويعاتب أمامهم عتاباً إذا  كان الخطأ معلناً ، لأن تأديبه والقسوة عليه في الكلام يحدثان خللاً في العلاقة بين المراهق والمربي ، ويكون ذلك أوجب في حق الولد البكر من الذّكور ، لأنّه قدوة ، وهورجل البيت إذا غاب والده أو مرض أو مات .
  7. ومن الفروق الفردية جنس الطّفل فالبنت يكفيها من العقاب ما لا يكفي الذّكر عادة ، لأن جسدها ضعيف تخاف أكثر وتنقاد بسهولة.

 

 

 

حفظ القرآن الكريم
 

 

اعلموا أن في القرآن الكريم كمّاً كبيراً من المبادئ والقيم والمعاني والآداب، والأساليب التربوية التي يجب أن يربى عليه الصغير.

 

لذلك ينبغي لوليّ الصغير أن يوجهه إلى تعلم كتاب الـ.. تعالى منذ صغره لأنه به يتعلّم توحيد ربه، ويأنس بكلامه، ويسري أثره في قلبه وجوارحه، وينشأ نشأة صالحة. قال الحافظ السيوطي: ” تعليم الصبيان القرآن أصل من أصول الدين، فينشؤون  على الفطرة ، ويسبق إلى قلوبهم أنوار الحكمة قبل تمكن الأهواء منها..” وقال إبن خلدون : ” تعليم الولدان للقرآن شعار من شعائر الدين.. ” وجاء في الحديث : ” خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه.”

 

الاشتغال بحفظ القرآن تلاوة وحفظا من أعظم القرب التي يتقرب بها المسلم إلى ربه ، وحفظة كتاب الله هم أهل الله وخاصته ، لأنهم يحملون في صدورهم كلامه سبحانه ، وحفظ القرآن منحة إلهية لا تعطى لعاص أو كسول، فلا بد لمن يريد حفظ القرآن من إخلاص النية ، والتخلي عن المعاصي ، والتحلي بالفضائل والطاعات ، ويبقى بعد ذلك العمل بتبعة ما يحمل ، فحافظ القرآن إذا جعل القرآن أمامه قائدا قاده إلى الجنة ، وإن جعله خلفه مهدرا ساقه إلى النار .

 

وهذه بعض القواعد الميسرة لحفظ كتاب الله:

 

القاعدة الأولى: الإخلاص:
وجوب إخلاص النية، وإصلاح القصد، وجعل حفظ القرآن والعناية به من أجل الله سبحانه وتعالى والفوز بجنته وحصول مرضاته، ونيل تلك الجوائز العظيمة لمن قرأ القرآن وحفظه، قال تعالى: {فاعبد الله مخلصاً له الدين، ألا لله الدين الخالص}. وقال تعالى: {قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدين}.. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [قال الله تعالى “أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه} (رواه مسلم) فلا أجر ولا ثواب لمن قرأ القرآن وحفظه رياء أو سمعة، ولا شك أن من قرأ القرآن مريداً الدنيا طالباً به الأجر الدنيوي فهو آثم.

 

القاعدة الثانية: تصحيح النطق والقراءة:

 

أول خطوة في طريق الحفظ بعد الإخلاص هي وجوب تصحيح النطق بالقرآن، ولا يكون ذلك إلا بالسماع من قارئ مجيد أو حافظ متقن، والقرآن لا يؤخذ إلا بالتلقي، فقد أخذه الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أفصح العرب لساناً من جبريل شفاهاً، وكان الرسول نفسه يعرض القرآن على جبريل كل سنة مرة واحدة في رمضان، وعرضه في العام الذي توفي فيه عرضتين. (متفق عليه)
وكذلك علمه الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحابه شفاهاً وسمعه منهم بعد أخذ القرآن مشافهة من قارئ مجيد، وتصحيح القراءة أولاً بأول، وعدم الاعتماد على النفس في قراءة القرآن حتى لو كان الشخص ملماً بالعربية وعليماً بقواعدها، وذلك إن في القرآن آيات كثيرة قد تأتي على خلاف المشهور من قواعد العربية.

القاعدة الثالثة: تحديد نسبة الحفظ كل يوم:
يجب على مريد حفظ القرآن أن يحدد ما يستطيع حفظه في اليوم: عدداً من الآيات مثلاً، أو صفحة أو صفحتين من المصحف أو ثمناً للجزء وهكذا، فيبدأ بعد تحديد مقدار حفظه وتصحيح قراءته بالتكرار والترداد، ويجب أن يكون هذا التكرار مع التغني، وذلك لدفع السآمة أولاً، وليثبت الحفظ ثانياً. وذلك أن التغني بإيقاع محبب إلى السمع يساعد على الحفظ، ويعود اللسان على نغمة معينة فتتعرف بذلك على الخطأ رأساً عندما يختل وزن القراءة والنغمة المعتادة للآية، فيشعر القارئ أن لسانه لا يطاوعه عند الخطأ، وأن النغمة اختلت فيعاود التذكر، هذا إلى جانب أن التغني بالقرآن فرض لا يجوز مخالفته لقوله صلى الله عليه وسلم: [من لم يتغن بالقرآن فليس منا] (رواه البخاري).

القاعدة الرابعة: لا تجاوز مقررك اليومي حتى تجيد حفظه تماماً:
لا يجوز للحافظ أن يتنقل إلى مقرر جديد في الحفظ إلا إذا أتم تماماً حفظ المقرر القديم وذلك ليثبت ما حفظه تماماً في الذهن، ولا شك إن ما يعين على حفظ المقرر أن يجعله الحافظ شغله طيلة ساعات النهار والليل، وذلك بقراءته في الصلاة السرية، وإن كان إماماً ففي الجهرية، وكذلك في النوافل، وكذلك في أوقات انتظار الصلوات، وفي ختام الصلاة، وبهذه الطريقة يسهل الحفظ جداً ويستطيع كل أحد أن يمارسه ولو كان مشغولاً بأشغال كثيرة لأنه لن يجلس وقتاً مخصوصاً لحفظ الآيات وإنما يكفي فقط تصحيح القراءة على القارئ، ثم مزاولة الحفظ في أوقات الصلوات، وفي القراءة في النوافل والفرائض وبذلك لا يأتي الليل إلا وتكون الآيات المقرر حفظها قد ثبتت تماماً في الذهن، وإن جاء ما يشغل في هذا اليوم فعلى الحافظ ألا يأخذ مقرراً جديداً بل عليه أن يستمر يومه الثاني مع مقرره القديم حتى يتم حفظه تماماً.

 

 

القاعدة الخامسة: حافظ على رسم واحد لمصحف حفظك:
مما يعين تماماً على الحفظ أن يجعل الحافظ لنفسه مصحفاً خاصاً لا يغيره مطلقاً وذلك أن الإنسان يحفظ بالنظر كما يحفظ بالسمع، وذلك أن صور الآيات ومواضعها في المصحف تنطبع في الذهن مع كثرة القراءة والنظر في المصحف فإذا غير الحافظ مصحفه الذي يحفظ فيه، أو حفظ من مصاحف شتى متغيرة مواضع الآيات فإن حفظه يتشتت، ويصعب عليه الحفظ جداً، ولذلك فالواجب أن يحافظ حافظ القرآن على رسم واحد للآيات لا يغيره.

القاعدة السادسة: الفهم طريق الحفظ:


 من أعظم ما يعين على الحفظ فهم الآيات المحفوظة ومعرفة وجه ارتباط بعضها ببعض.
ولذلك يجب على الحافظ أن يقرأ تفسيراً للآيات التي يريد حفظها، وأن يعلم وجه ارتباط بعضها ببعض، وأن يكون حاضر الذهن عند القراءة وذلك لتسهل عليه استذكار الآيات، ومع ذلك فيجب أيضاً عدم الاعتماد في الحفظ على الفهم وحده للآيات بل يجب أن يكون الترديد للآيات هو الأساس، وذلك حتى ينطلق اللسان بالقراءة وإن شت الذهن أحياناً عن المعنى وأما من اعتمد على الفهم وحده فإنه ينسى كثيراً، وينقطع في القراءة بمجرد شتات ذهنه، وهذا يحدث كثيراً وخاصة عند القراءة الطويلة.
القاعدة السابعة: لا تجاوز سورة حتى تربط أولها بآخرها:


 بعد تمام سورة ما من سور القرآن لا ينبغي للحافظ أن ينتقل إلى سورة أخرى إلا بعد إتمام حفظها تماماً، وربط أولها بآخرها، وأن يجري لسانه بها بسهولة ويسر، ودون إعناء فكر وكد في تذكر الآيات، ومتابعة القراءة، بل يجب أن يكون الحفظ كالماء، ويقرأ الحافظ السور دون تلكؤ حتى لو شت ذهنه عن متابعة المعاني أحياناً، كما يقرأ القارئ منا فاتحة الكتاب دون عناء أو استحضار، وذلك من كثرة تردادها، وقراءتها، ومع أن الحفظ لكل سور القرآن لن يكون كالفاتحة إلا نادراً، ولكن القصد هو التمثيل، والتذكير بأن السورة ينبغي أن تكتب في الذهن وحدة مترابطة متماسكة، وألا يجاوزها الحافظ إلى غيرها إلا بعد اتقان حفظها.

 

القاعدة الثامنة : التسميع الدائم:
يجب على الحافظ ألا يعتمد على حفظه بمفرده، بل يجب أن يعرض حفظه دائماً على حافظ آخر، أو متابع في المصحف، حبذا لو كان هذا مع حافظ متقن، وذلك حتى ينبه الحافظ بما يمكن أن يدخل في القراءة من خطأ، وما يمكن أن يكون مريد الحفظ قد نسيه من القراءة وردده دون وعي، فكثير ما يحفظ الفرد منا السورة خطأ، ولا ينتبه لذلك حتى مع النظر في المصحف لأن القراءة كثيراً ما تسبق النظر، فينظر مريد الحفظ المصحف ولا يرى بنفسه موضع الخطأ من قراءته، ولذلك فيكون تسميعه القرآن لغيره وسيلة لاستدراك هذه الأخطاء، وتنبيهاً دائماً لذهنه وحفظه.
القاعدة التاسعة: المتابعة الدائمة:
يختلف القرآن في الحفظ عن أي محفوظ آخر من الشعر أو النثر، وذلك أن القرآن سريع الهروب من الذهن، بل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [والذي نفسي بيده لهو أشد تفلتاً من الإبل في عقلها] (متفق عليه)
فلا يكاد حافظ القرآن يتركه قليلاً حتى يهرب منه القرآن وينساه سريعاً، ولذلك فلا بد من المتابعة الدائمة والسهر الدائم على المحفوظ من القرآن، وفي ذلك يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: [إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت] (متفق عليه) وقال أيضاً: [تعاهدوا القرآن فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفصياً- أي تفلتا – من الإبل في عقلها] (متفق عليه) وهذا يعني أنه يجب على حافظ القرآن أن يكون له ورد دائم أقله جزء من الثلاثين جزءاً من القرآن كل يوم، وأكثره قراءة عشرة أجزاء لقوله صلى الله عليه وسلم: [لا يفقه القرآن في أقل من ثلاث] (رواه أبو داود بهذا اللفظ، وأصله في الصحيحين من حديث عبدالله بن عمرو) وبهذه المتابعة الدائمة، والرعاية المستمرة يستمر الحفظ ويبقى، ومن غيرها يتفلت القرآن.

القاعدة العاشرة: اغتنم سنين الحفظ الذهبية:
الموفق حتماً من اغتنم سنوات الحفظ الذهبية من سن الخامسة إلى الثالثة والعشرين تقريباً فالإنسان في هذه السن تكون حافظته جيدة جداً بل هي سنوات الحفظ الذهبية فدون الخامسة يكون الإنسان دون ذلك وبعد الثالثة والعشرون تقريباً يبدأ الخط البياني للحفظ بالهبوط ويبدأ خط الفهم والاستيعاب في الصعود، وعلى الإنسان أن يستغل سنوات الحفظ الذهبية في حفظ كتاب الله أو ما استطاع من ذلك. والحفظ في هذا السن يكون سريعاً جداً، والنسيان يكون بطيئاً جداً بعكس ما وراء ذلك حيث يحفظ الإنسان ببطء وصعوبة، وينسى بسرعة كبيرة ولذلك صدق من قال: “الحفظ في الصغر كالنقش في الحجر، والحفظ في الكبر كالنقش على الماء”..

 

فعلينا أن نغتنم سنوات الحفظ الذهبية، إن لم يكن في أنفسنا ففي أبنائنا وبناتنا.

 

بعد دراسة عميقة في كتب ومراجع الفقهاء والعلماء المسلمين عن أهمية الحفظ، وتدريس القرآن الكريم للأولاد تبيّن أن تعليم القرآن وتحفيظه للطفل ضرورة وواجب لتقريب الطفل إلى الـ.. تعالى وتربيته تربية دينية.

فيقول السيّد الأمير عبدالله التنوخي (ق): “لا ينبغي أن يُحمّل على الصبيّ قبل السنة السابعة في التعب ولا في الإدجار والتأديب” وقال أيضاً: “ثم يُشَغَّل في المكتب بتعليم القرآن وحديث الأخيار”.

 

 

اللّعب:

–        أهمية اللّعب

–        فوائد اللّعب

 

اللّعب

 

تعتبر الحاجة إلى الحركة والنشاط من الإحتياجات الأساسيّة للفرد وخاصة للأطفال ، ولهذا الأمر دور فعال ومتميز فيما يتعلق بالنمو الجسمي وسلامة البدن والرّوح ، ومعرفة النفس ، وتربية النّفس وحيويتها وكذلك في تعلم سبل العيش والضوابط الإجتماعيّة.

 

واللّعب يمثل حالة من النشاط والتحرك ، إلاّ أنّه يعد أمراً ضروريّاً جداً ومفرحاً للطفل ، حتّى أن الطفل يخصص قسماً كبيراً من أوقات عمره لهذا الأمر ولا يكف عن اللّعب مطلقاً مهما كان متعباً بل وحتّى إذا تعرض للإصابة أحياناً ، وفي نفس الوقت الذي يتعرض فيه للإصابة يستمتع باللّعب بالرغم من عدم وجود أي إجبار من الوالدين على ممارسة اللّعب من قبل الطّفل.

 

أهمية اللّعب

 

اللّعب مهم جدّاً بالنسبة للطفل ، إنّه عامل مساعد للفعاليات البدنيّة , والعقليّة والإجتماعيّة وكذلك من أجل سلامته ، والطّفل السليم ليس بوسعه الإمتناع عن اللّعب ، إنّه يلجأ إلى القيام بأي عمل أو جهد لغرض ممارسة اللّعب ، ولا يقر له قرار ، ويسعى إلى جعل مكانه واسعاً .

 

إن الكثير من الآم الطّفل وتفاوت سلوكياته يمكن تسكينها بواسطة اللّعب , وينال الطّفل على أثر ذلك الهدوء والسّكينة ، إنّه يتحين الفرصة للإعراب عن أحاسيسه من خلال اللّعب وعلى سبيل المثال فإنّه يعرب عن غضبه من خلال رمي الدّمية على الأرض بقوة .

 

اللّعب والحركة من عوامل الإطمئنان وعلى آثر ذلك يعيش الأطفال في محيط آمن ومأنوس ، ويحظى هذا الأمر بأهميّة بالغة لدى الطّفل حتّى كأن روحه وجسمه يطلبان المزيد من اللّعب لتزيل آثار الإضطرابات وعوامل التشويش والخوف والتنفر واليأس وتمنح الطّفل نشاطاً متجدّداً ، ومن هذا المنطلق فلو تهرب الطّفل من اللّعب فإنّه في الحقيقة لا يتمتع بنمو سليم بل ويمكن القول بأنّه مريض من النّاحية النفسيّة .

 

* اللّعب حياة الطّفل :

نعم ، اللّعب هو حياة الطّفل ، وعالمه ، وأساس سروره ، إنّه درس وتجربة وتمرين ، وهناك ارتباط وثيق بين اللّعب وحياة الطّفل ، ويمثل الحياة البشريّة وهو بعد ذلك يشبع ميول الطّفل ورغباته ، ويفسح المجال الكثير من المعضلات البدنية والرّوحيّة .

 

* الحرمان من اللّعب :

إنّ حرمان الطّفل من اللّعب يزعجه بشدّة ، بل إنّه من الممكن أن يؤدي ذلك إلى خلق الأجواء المناسبة لإصابته بأمراض عصبيّة ، إنّه يرى في هذا الحرمان خسارة كبرى بالنسبة له وفي حالة منعه عن اللّعب يحسب ذلك عقوبة له .

 

قد أظهرت أبحاث طائفة من المتخصصين بعلم النفس التربوي أن الطقل لو منع عن ممارسة اللّعب سيعاني من بعض الحالات أهمها ما يلي:

–        الحزن .

–        الإنزواء .

–        الكسل والخمول .

–        التمرد على المحيط .

–        العبث والتخريب ، في حالة عدم تمكنه من إبراز هذه الصفات فيستبدو عليه الأنانيّة والإنحراف.

 

* لعب الطّفل :

 

ينظر الإسلام نظرة إيجابيّة إلى لعب الأطفال ، حتّى أن الإسلام يأمر بأن ندع الطّفل يلعب وقال رسول ال..: ” دع ابنك يلعب  سبع سنين ” كما أن الإطلاع على سيرة رسول ال… العملية في الحياة وكذلك الإطلاع على حياة بقية أئمة الإسلام تبين لنا أيضاً بأنهم تركوا الأطفال يلعبون بل كانوا يلاعبونهم أيضاً .

وإن قصة ملاعبة الرسول لأحفاده معروفة ونعلم أنه كان أحياناً يضع نفسه بهيئة البعير حتى يركب الأطفال على ظهره الشريف.

 

فوائد اللّعب :

 

يحمل اللّعب فوائد وآثار كثيرة للأطفال ، إذ نجد أنفسنا مضطرون لمراعاة الإختصار في تناول الفوائد المبينة أدناه:

1- في تربية الجسم :

اللّعب عامل مهم ويمتلك دوراً أساسياً وبناء في نمو وتربية الجسم، إن الركض والحركة، والتسلق، والسّباحة، كلها تؤدي إلى تقوية المفاصل والعضلات وهي جزء من احتياجات الجسم وتتناسب مع نمو أعضائه.

 

2- في إيجاد المهارة والقوة :

اللّعب عامل مهم وسبب من أسباب التجربة واكتساب وارتقاء المهارات ، ومقدمة من مقدمات النّجاح في النشاطات اللاحقة ، ويمكن أن يفسح المجال واسعاً أمام النجاحات التالية للطفل ، إن اللّعب يساعد على تحفيز حواس الطّفل تدريجيّاً ،ويؤدي إلى تناسب نموالقوى، ومنح الأطفال إمكانية تعلم التجارب واكتساب الخبرة ، والذي يعد بحد ذاته عاملاً على خلق الثقة والإعتماد على النّفس.

 

3- في حيويّة النفس :

اللّعب عامل يساعد على النمو ، والنضوج ، واللّذة والنشاط ، فلو أن الطّفل وجد نفسه أثناء اللّعب وأثناء القيام بنشاط ما موفقاً فإنّه سيفرح ، وعندما يرى أن ميوله ورغباته قد تحققت فإنّه سيشعر بكمال الفرح والسّرور .

ومن هذا المنطلق فإن النمو الروحي منظور مع النمو والمهارة الجسميّة في هذا الأمر أيضاً.

 

4- تربية العقل :

اللّعب وسيلة للنمو والتربية العقلية ، ومواقف الطّفل أمام المسائل والأمور المختلفة يعد بحد ذاته عاملاً مساعداً على بلورة جهوده اللاحقة لحل المسائل ، وبيشكل عام فإن الألعاب تعد نوعاً من أنواع التفكير بالنسبة للطفل ، كما يلجأ الطفل أثناء اللّعب وخاصّة في السنوات 2-6 من العمر إلى إبراز أفكاره بصورة أعمال ويقوم بتنمية هذا الإتجاه ، وبالنتيجة فإنّه يصبح أكثر قوة ومهارة في ظل ممارسة اللّعب .

 

5- السّيطرة على نفسه :

اللّعب وسيلة وسبب يؤدي إلى السّيطرة على نفسه وأعضائه ، إن المهارات التي يحصل عليها الأفراد خلال اللّعب توضح للطفل النتيجة التّالية وهي كيفيّة استخدامه لأعضائه ، ومتى يمد يده ، وإلى أي مدى؟ ومتى يندفع وبأي نسبة؟ ومتى يتوقف؟ وكيف يقف أثناء الركض؟ أثناء الصّراخ والضوضاء متى وأين يهدأ؟

 

6- فوائد أخرى:

اللّعب هو عامل النمو ، والحركة والقدرة على مواجهة المصاعب ، تمرين العضلات والمهارات ، حل مشكلة الحرمان ، إزالة الإضطرابات ، التخلص من الأنانيّة ، إصلاح النّواقص والتّمرن على ممارسة العلاقات الإجتماعيّة، تعلم الأخلاق والسلوك ، تفعيل القدرة الذهنيّة ، ممارسة المسؤوليّة ، وعشرات الفوائد الأخرى .

 

 

 

 

الخاتمة

 

في الخاتمة بعد دراسة هذا البحث والإطلاع على عدة آراء  في تربية الطفل الدينية لعلماء معاصرين وفلاسفة وعلماء المسلمين، نستخلص ان التربية فكر وعمل، نظرية وممارسة ، كما كل الثنائيات في حياة الإنسان، وقيمة كل المفاهيم  التي مرّت معنا عن التربية المثلثة الأضلاع في البيت والمدرسة والمجتمع، تتجلّى بالعمل على تطبيقها كلّ فيما خصّه ، رغم الإرتباط الوثيق بينها من خلال الوعي أوّلاً، والفهم والمتابعة والتوجيه ثانياً. ينشأ الإنسان على شخصية متوازنة متكاملة في جميع أبعادها العقلية، والروحية، والنفسية، والأخلاقية، والجسمية والإجتماعية .

فالتربية الدينية تنظر إلى البعد الروحي وتعمل على تنميته بالإيمان والعبادة والإخلاص في كلّ جهد يقوم به الإنسان في حياته. وتنظر إلى البعد النفسي وتعمل على تحرير النفس من الشهوات والجنوح إلى السوء، وتنمية النفس على الإيثار والمحبة والتعاون. وتنظر إلى الجانب الجسمي في الإنسان وتسعى من خلال الحركة والنشاط الدائم والسعي في الدنيا في طلب الحلال ونشر الخير. وبتنمية هذه الأبعاد وتكاملها في شخصية الطفل يكون قد وضعت اللبنة الأساسية في بناء المجتمع التوحيدي.

 

يبقى الأمل في هذا العصر المادي أن نستطيع السير في تزويد النشئ بالحصانة الواقية من كل انحراف، ونبصرهم بالحياة القائمة على العلم والعمل والعدل والحق والمحبة والإخاء.

 

لا شك إن تأسيس العقيدة السليمة عند الطفل منذ الصغر أمر بالغ الأهمية، فلا بد من الأخذ بهذه التوصيات التي تمثل الأساس في عملية التربية لدى الأطفال وأهم هذه التوصيات:

 

1-    للقدوة الحسنة أثر كبير في نفس الطفل .

2-    للمنزل والأسرة الأثر البالغ في حياة الطفل فينبغي أن يحاط بكل ما يغرس في نفسه روح الدين والفضيلة.

3-  الصحبة الصالحة وسيلة فاعلة من وسائل تربية الأولاد لأن الصبي عن الصبي يأخذ والقرين بالمقارن يقتدي فعلى الأبوين اختيار الرفقاء الصالحين لأبنائهم الراسخة.

4-    من واجب الآباء والأمهات العناية بأجسام الأولاد والنفقة عليهم بسخاء وأخذهم بالقواعد الصحية في المأكل والمشرب.

5-    ومما يعين الأولاد على التربية تعويدهم على ذكر الله والتعلق به كالتسمية عند البدء بالطعام والشراب والحمد لله عند الانتهاء منهما والاستعانة به عند وصول الشدائد والشكر له عند قضاء الحوائج وحصول الخير.

6-    على الأبوين أن يحذرا سلوك التفريق في التعامل بين الأبناء فإن ذلك كثيرا ما يدفعهم إلى الكراهية فيما بينهم وإلى النفور من الأبوين.

7-    على الأبوين أن يحرصا على تربية الطفل على مفهوم الاعتذار والتوبة إذا أخطأ وأساء فيطلب منه أن يقول: (اعتذر أو عفواً أو استغفر الله.. إلخ) مع توجيهه وإرشاده.

8-    التركيز على تعليم الأولاد الأخلاق المتعلقة بالغير كالعناية بحسن المظهر وآداب التحية والحديث والمجلس واحترام الآخرين والصدق في القول وترك الضحك الكثير والمزاح الكثير.

9-    توجيه الأولاد لاستثمار أوقات الفراغ والمساهمة في الأعمال العامة التي تضم أقرانهم كالألعاب الرياضية والتدريب على الخط.

10-   تحبيب العلم إليهم وتوسيع أفق تفكيرهم في المستقبل وتوجيههم توجيها صحيحا في هذا المجال.

11-   إبعادهم عن أصدقاء السوء وتوجيههم لاختيار الأصدقاء الصالحين الذين يستفاد منهم ومراقبة سلوكهم وإسداء النصائح لهم عندما تظهر عليهم بعض الآثار غير السليمة.

12-   تعريفهم مفهوم الحلال والحرام وتدريبهم على الالتزام به.

13-   الدلال الزائد والتعلق المفرط بالولد وخاصة من الأم يؤدي إلى نتائج خطيرة على نفس الولد وتصرفاته وقد يكون من آثاره زيادة الخجل والانطواء نحو الميوعة والتخلف عن الأقران.

14-   إذا ظهر من جهة الصبي فعل جميل وخلق حسن فينبغي أن يكرم عليه ويجازي بما يفرح به، ويمدح بين أظهر الناس.

15-   إنه إن عاد إلى ذلك فينبغي أن يعاتب سراً ويعظم عليه الأمر ويقال له إياك أن يطلع عليك في مثل هذا فيفتضح بين الناس.

16-   أن يكون الأب حافظاً لهيبة الكلام معه ولا يوبخه إلا أحياناً، والأم تخوفه بالأب وتزجره عن القبائح وتظهر له الوعيد بشدة الأب وخوفه منه.

17-   ينبغي أن يمنع من كل ما يفعله في خفية فإنه لا يخفيه إلا وهو يعتقد أنه قبيح فيدعو ذلك إلى أنه يتعود فعل كل قبيح.

18-   ينبغي أن يعوّد في بعض النهار المشي مع الحركة والرياضة حتى لا يغلب عليه الكسل ويتعود الميل إليه.

19-   ينبغي أن يمنع من الإفتخار على أقرانه وأمثاله بشيء مما يملكه أبواه أو بشيء من مطاعمه وملابسه ونحو ذلك ويعود التواضح والإكرام لكل من عاشره من الصبيان ويلطف في الكلام معهم.

20-   ينبغي أن يمنع من كثرة الكلام إلا من ذكر الله ويبين له أن ذلك من أمارة الوقاحة وأنه عادة أبناء اللئام وأولاد السفلة من الناس لينزجر عن ذلك منه  والله أعلم.

21- يمنع من لغو الكلام وفحشه ومن اللعن والسب، ومن مخالطة من يجري على لسانه مثل ذلك، فإن ذلك يسري لا محالة من قرناء السوء، وأصل تأديب الصبيان الحفظ من قرناء السوء.

22-   ينبغي أن يتعلم شجاعة القلب والصبر على الشدائد وتمدح هذه الأوصاف بين يديه ولسماعه لها ينغرس في قلبه حسنها ويتعودها.

23-   يحسن أن يفسخ له بعد خروجه من المكتب في لعب جميل ليستريح به من تعب التأديب.

24-   ينبغي أن يعلّم طاعة والديه ومعلمه ومؤدبه وكل من هو أكبر منه سناً من قريب أو بعيد أو أحنبي من المسلمين وأن يكون ناظراً إليهم بعين الجلالة والتعظيم وأن يترك اللعب بين أيديهم فهذه الآداب كلها متعلقة بسن التمييز في حالة الصغر قبل البلوغ.

25-   قال أفلاطون الحكيم : ” على الأب في تربية ولده ثلاث: تفقيهه في شريعته، تعليمه صنعة يكتسب منها، حثّه على القناعة.”

 

وفي الختام يمكن القول بأن استراتيجية التربية الدينية تهدف إلى تكوين شخصية أبناء أهل التوحيد، وجعل الواحد منهم ذكراً كان أم أنثى، موحداً في تفكيره وقوله وفعله وسلوكه وأخلاقه وغايته في الحياة، وفي نظرته للأمور ووزنه للأشياء وعلاقاته. وفي سعيه لتحقيق الحق وقمع الباطل.

 

 

المراجع

 

1-       القرآن الكريم

2-       محمد حسين فضل الـ..، دنيا الطفل ، دار الملاك.

3-       محمد العطاران، تربية الطفل، الدار الإسلامية.

4-       الغزالي، إحياء علوم الدين، الدار الجيل.

5-       رونيه أدبير، التربية العامة، دار العلم للملايين.

6-       منير وشريف عامر، تربية الأبناء في الزمن الصعب، دار العلم للملايين.

7-       د. ميخائيل ابراهيم أسعد، مشكلات الطفولة المراهقة، دار الجيل – بيروت.

8-       ريّان سليم بدير- عماد سالم الخزرجي ، التربية الإسلامية للطفل دار الهادي.

9-       العلامة الشيخ محنمد حسن رحيمان، التربية والأخلاق في الإسلام ، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.

10-    ريان سليم بدير- اللعب عند الأطفال، دار الهادي.

11-    د. هدى علي جواد السّمري، طرق تدريس التربية الإسلامية، دار الشروق الأردنية.

12-    فتحية محمود صديق، التعليم من المهد، دار المطبوعات للتوزيع والنشر

13-    مريم كلّوت ، كيف نحمي أبناءنا من الإنحراف ، دار اليوسف بيروت.

14-    عبلة بساط جمعة ، مهارات في التربية النفسية ، دار المعرفة بيروت.

15-    الدكتور سليم الضاهر – الدكتور محمد طيّ، حقوق الطفل في المسيحية والإسلام، المركز الكاثوليكي للإعلام.

16-    الدكتور محمد عبد القادر غنيم، مكانة الأبناء عند الآباء، دار الشروق الأردنية.

17-    الدكتور رياض سليم، التربية والثقافة في زمن العولمة، الدار الوطنية للدراسات والنشر والتوزيع.

18- الدكتور ابراهيم ناصر، مقدمة في التربية ، دار عمار – عمّان.

 

 

المراجع عن الإنترنت والمجلات:

 

1-       محمد تامر، تربية الأطفال في رحاب الإسلام ، الإسلام أون لاين.

2-       ليلى الجريبة  ، أساليب التربية.

3-       عبد الرحمن صالح العشماوي، ناقشوا أولادكم ، شبكة المشكاة الإسلامية.

4-       د. أماني زكريا الرمادي، أطفالنا وحب الـ.. عز وجل.

5-       خالد أحمد الشنتوت، مراحل التربية الذهبية.

6-       إبراهيم بن سعد الحقيل، لمحات في أدب الطفل، الموقع صيد الفوائد.

7-       ندى صال الريحان، تربية الأطفال الوسائل والمعوقات.

8-       خولة درويش، التربية الدينية للأطفال.

9-       د. ابراهيم الدويش، توجيهات وأفكار في تربية الصغار.

10-    د. هاني عبد القادر ، فن العقاب ، تربية نت.

11-     مجلة آفاق تربوية، الكويت عدد 59 المجلد الخامس عشر ربيع 2001،

12-    مجلة المعرفة، السعودية، العدد 126 – أكتوبر 2005.

13-    مجلة المستقبل الإسلامي، عدد 175.

14-    مجلة الحياة الطيبة، عدد الخامس عشر- صيف 2004.

15-    مجلة البيان، السنة السابعة عشر العدد 179 .

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي

تصنيفات أخرى