ترأس سماحة شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى اجتماع الهيئة العامة للمجلس المذهبي في دار الطائفة في بيروت، لمناقشة قضايا مجلسية ومالية متصلة بموازنتي مشيخة العقل والمجلس المذهبي. حضر الى جانب سماحة شيخ العقل النواب: مروان حمادة، اكرم شهيب، هادي ابو الحسن، فيصل الصايغ ومارك ضو، اضافة الى النائب السابق انور الخليل ورئيس محكمة الاستئناف الدرزية العليا وقضاة من المذهب وأمين السر المحامي نزار البراضعي ومعظم أعضاء مجلس الإدارة والمجلس.
شيخ العقل
في مستهل الاجتماع كانت كلمة لسماحة شيخ العقل جاء فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم
نجتمع اليوم في إطار الهيئة العامة للمجلس المذهبي وكلُّنا ثقة بأشخاصكم الكريمة ومجلسكم الكريم، نحن وإياكم على استعدادٍ إن شاء الله لأن نكمل هذه الدورة الثالثة للمجلس بأشهرها التسع المتبقية بمزيدٍ من الأمل والتضامن والعطاء.
اضاف: صحيحٌ أنّ الظروف الاستثنائية لم تُسعفْنا لتحقيق ما نحلم وتحلمون به، وعلى الأخصّ منذ تسلُّمِنا مهامَنا أواخر العام 2021، وما رافق ذلك من سلسلة انهيارات اقتصادية ومالية واجتماعية، أفضت إلى ما نحن عليه اليوم، فراغٌ رئاسيِّ، وشغورٌ إداريّ، وخللٌ دستوريّ، وحذرٌ أمنيّ، وعدوانٌ حربي يكاد يتوسَّعُ ويتفاقم لولا حكمةٌ في التعاطي الداخلي وميلٌ إلى ضبط النفس، ولكنَّ الخطرَ الداهمَ موجودٌ والخشيةَ من تمادي العدوان قائمة، وإمكانية تردّي الأوضاع محتَملة، لا يخفِّف من وطأتها سوى وحدةٍ وطنية وتضامنٍ داخلي لتحصين الدولة بمؤسساتها كافة، بدءاً من رئاسة الجمهورية المعلَّقة في الفضاء عرضةً للرياح القادمة من هنا وهناك، ومؤسسة الجيش اللبناني التي تنتظر الفرج بتعيين رئاسة أركانها ومجلسها العسكري، وغيرها من الإدارات المُدارة بالفراغ أو بالوكالة”.
تابع: “لبنان قابلٌ للحياة، والكفاءات اللبنانية متوفرة، ولكنَّ المناكفات تطغى على المصلحة العامة ممّا يُعيق عجلةَ الإصلاح والتقدُّم، كما يحصلُ في الكثير من المؤسَّسات، أمَّا المطلوبُ فهو المرونة في التعاطي وتجديدُ الأمل والثقة بالنفس، وتصويبُ المسار وتضافر الجهود. هذا ما نتمناه للدولة، وهذا ما نرجوه لمجلسنا المذهبي، بمجلس إدارته ولجانه وهيئته العامّة. والنجاح يقتضي منا الكثير من التفاهم والتعاون والعمل المؤسساتي، ولا ينحصر الأمر في مكانٍ محدَّد. فمجلس الإدارة يضحِّي ولا يتوانى، ومطلوبٌ منَّا ومنه دائماً الدفعُ باتّجاه الأفضل، ولجانُ المجلس يقع على عاتقها واجبُ القيام بالمهام المناطة بها، وإن كانت الظروف العامة مُحبطة إلَا أنَّها لا يجب أن تجعلَنا نتوقَّف دون حِراك، وبطبيعة الحال هناك لجانٌ تعمل مشكورةً وبانتظام، وقد بدأنا منذ مطلع هذا العام عقد الاجتماعات الدورية للجان، وبحضورنا إن شاء الله، للتفكير معاً بما يُمكن القيامُ به، ولنكون جميعاً في صورة ما نسعى إليه، في مشيخة العقل وفي المجلس المذهبي، وكلُّنا واحدٌ في تحمُّل المسؤولية، أكان في موضوع الاهتمام بالأوقاف والسعي لاستثمارها بطريقة مدروسة، أو في الموضوع الاجتماعي والعمل على رعاية الأسرة وصون القيم ومساعدة المحتاجين، أو في موضوع الثقافة التوحيدية التي نسعى لتعميمها في مناطقنا، أو في المواضيع المتنوعة المتعلقة بالشأن الثقافي والاغترابي، أو في مجال التنظيم الإداري والمالي والمتابعة القانونية، أو في موضوع العلاقات العامة والتواصل وما يتشعب من هذا وذاك من مواضيع وعناوين”.
ومضى يقول: كلُّ ذلك يفرضُ علينا التلاقي والتعاون والصبرَ والاحتمال والإقدام، وإن كنَّا لن نحقِّقَ في أشهرٍ ما لم يكن ممكناً تحقيقُه خلال سنوات، لكنَّنا لن نتخلّى عن دورنا ولن نتهرَّب من مسؤولياتِنا، ويداً بيد إن شاء الله، نجتاز الصعاب في خريف هذا المجلس، وما الموازنة المطروحة اليوم أمام مجلسكم سوى صورة عن الواقع المضطرب سياسياً وإداريّاً ومالياً واقتصادياً، إذ لا استقرار ولا اطمئنان في أيّ أمر، بيد أنّها تدابيرُ واقعية وأرقام مدروسة تتلاءم مع واقع الحال بالحدّ الأدنى، فموازنة الدولة لا تفي بالغرض، ومداخيل الأوقاف لا تكفي، والتبرّعات غير مضمونة، لذلك يبدو العجز واضحاً في الموازنة، وهو ما يجب أن يُغطّى من التبرُّعات، وهنا يكمن التّحدي في إمكانية استنهاض الأصدقاء من أصحاب الإمكانيات والأيادي البيضاء لدعم موازنة كلٍّ من مشيخة العقل والمجلس المذهبي، وهذا ما نأمله وإخواننا في مجلس الإدارة متعاونين متضامنين، وما نطلب مساعدتكم في تحقيقه. هذا هو الواقع، بانتظار أن نخطوَ خطواتٍ عملية نحو خطة استثمار الأوقاف، وهو ما نعمل عليه جاهدين، بالرغم من تردّي الأوضاع وأجواء الحرب في المنطقة، علَّنا نوفَّقُ في إنشاء صندوقٍ استثماريِّ يستقطب الدعمَ ويشارك في إقامة مشاريعَ منتجة برعايةٍ من لجنة الأوقاف والمجلس، وبمشاركةٍ مع مجموعة استثمارية محليّة أوسع على مستوى الطائفة وبعض رجال المال والأعمال المقتنعين معنا بفكرة الاستثمار دون استجداء الدعم الخارجي وانتظار الغرباء ليتقدّموا بعروض استثمار أراضينا والنهوض بنا، وهذا هو بيت القصيد الذي يحتاج إلى تعزيز الثقة بمجلسنا والتعاون اللامحدود في ما بيننا، وهذا ما نأمله ونرجوه”.
وختم: “نحن بحاجة إلى تكاملٍ وإقدام على مستوى المواكبة القانونية والمالية والإدارية والشؤون الوقفية، وكلنا أمل وثقة بامكانية التعاون لإنجاح المسيرة من خلال تفعيل عمل مجلس الادارة واللجان بالانسجام التام في ما بين الاعضاء ووضع الاولويات وتنظيم العلاقة مع المديرية العامة التي تقع عليها المسؤولية التنفيذية مشكورةً، والتي تتطلب حضور الموظفين والالتزام بالنظام العام والشعور بالولاء للمؤسسة، على رجاء ان تقوم الدولة بواجباتها وتقر الانتاجية المقترحة لتحسين اوضاع موظفيها وخلق ديناميكية جديدة للعمل. والمجال مفتوح لعرض الموازنة والنقاش على امل المصادقة في ختام الجلسة، ولكم الشكر.”.