سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن يؤم المصلين
ويلقي خطبة العيد في مقام الأمير عبد الله التنوخي في عبيه
أم سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، المصلين صبيحة عيد الفطر السعيد، في مقام الأمير عبد الله التنوخي في عبيه، في حضور جمع من مشايخ الطائفة وأبنائها، وقاضي المذهب الدرزي الشيخ غاندي مكارم، والمدير العام للمجلس المذهبي مازن فياض، واعضاء من المجلس، وشخصيات وفاعليات روحية مختلفة.
وبعد أداء الصلاة ألقى الشيخ حسن خطبة العيد وقال فيها:
“ينقضي شهر الفضائل هذا العام تاركا لنا ثمار الخير والبركات، بين دموع ودماء الشهادة والإستشهاد لكن الدرب إلى الفضيلة الذي رسمه الحق لنا علما ومنهاجا لا تنقضي مسالكه. وإنما هو عهد، يملي علينا واجب الإخلاص، أن نلتزمه جميعا، ونتبع في كل أعمالنا فرائضه وموجباته. وأي موجب هو أشرف من سعي الإنسان إلى نقاء القلب، وصفاء النية، وبذل الهمة، وضبط الجوارح، ائْتمارا بالمعروف وانتهاء عن المنكر؟ وأي مكرمة أرقى من أن يتيقظ المرء من غفلة الرغبات الدنيوية، وأن يتحرر من علائق الشهوات البدنية، وأن يتقصد بقوة الإيمان تحقيق الخير والعدل في ذاته ليكون قادرا على غرسهما في مجتمعه”.
اضاف: “هذا الشهر الكريم الذي أوصلنا إلى عيد الفطر المبارك كان رحلة ليستعيد الموحد فيها لطائف المعاني النورانية، فيستزيد في معرفته، ويترسخ في إيمانه، ويستذكر روعة التحقق الروحي، ويتلمس بركة أثره في ذاته وفي عائلته وفي مجتمعه وفي أمته. إنه بتحقيق ثمار المسلك في رحلة المجاهدة الصادقة هذه، نتحسس قيمة العيد، لأن الله سبحانه وتعالى جعل للطاعة ثوابا وحسن مآب ، فهنيئا لمن تزود ليوم الحساب بزاد يرضي الله ورسوله. وهنيئا لمن كان في ذاته وبين أهله ومجتمعه مثالا للفضيلة الربانية، والخصال التوحيدية، والنعمة الإيمانية، والهمة الزكية التي تسعى للخير بين الناس. وهذا الخير هو عين الإصلاح الاجتماعي، وجوهر النهوض الحضاري، وروح العدة للمستطاع من القوة التي نستطيع بها أن نواجه أعداء الأمة وكل من يتربص بها شرا”.
وتابع: “علمنا الصوم في هذا الشهر الفضيل القدرة على الصبر الجميل، وهو الصبر الذي يجب أن يتخصل به المؤمن وصولا الى ثمرة ايمانه. وهو الصبر الذي نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقوينا به وفي قلبنا ألم مما يتعرض له شعبنا وجيشنا من إرهاب بغيض آخره ما حصل بالأمس، فكأن اليد المجرمة تستكثر على هذا البلد طمأنينته بالعيد المبارك. فاعله عمي القلب عن قوله تعالى (لا تقتلوا النفس التي حرم الله) هذا بمثابة فساد في الأرض يتوجب على كل اللبنانيين أن يواجهوه بالمزيد من الإصرار على السلم الأهلي ونبذ كل مفسد يسعى بالشر بين الناس. إنه بالمضي قدما في طريق المشاركة والتوافق نكون أوفياء لدماء الشهداء الأبرياء. ونسأله تعالى ببركة هذا العيد السعيد أن يلهم القلوب نعمة التآلف والإجتماع على كلمة سواء. فكم هو حري بنا أن نقف في موضع الطاعة حامدين شاكرين مصدقين قوله تعالى (لئن شكرتم لأزيدنكم). وكم هو حري بنا أن نفزع الى رحمته ولطائف حكمته وحدوده وأمره ونهيه ضارعين متوسلين أن يثبت أفئدتنا في كلمة الحق، ويقوي عزائمنا بمعدن الصدق، ويرسخ خطانا في السبيل القائد الى رضاه. ولا يمكن لهذا السبيل إلا أن يكون مرسوما بنهج العدل والخير والإستقامة واجتماع الشمل ورص الصفوف. قال الله تعالى (إنما المؤمنون إخوة) فيا لها من نعمة أن نرى أنفسنا في ظلال هذا الذكر الحكيم، وقد بورك لنا في الأيام الرمضانية المباركة في وحدتنا، ويسر الله تعالى سبل التفاهم فيما بين أبناء البيت الواحد، فقرب بينهم، ووفق سعيهم، وأنار دربهم، وسدد خطاهم في هذه الوجهة التي بها وحدها تتحقق المصلحة العليا لشعبنا وأمتنا”.
وأشـار إلـى “إننا بكل ما تحمله هذه الكلمات من معاني، نهنئ أبناءنا وإخواننا في الوطن وكل المسلمين بحلول عيد الفطر المبارك، متضرعين إلى الله تعالى وسائلينه أن يوفق القيادات السياسية في وطننا في متابعة مسيرة التلاقي والتصافي والمصارحة وتثبيت الرؤى المشتركة والخطوات العملية المثمرة لاستدراك كل التباس مشبوه، ودرء كل انزلاق إلى خلاف عبثي. إنه بهذه المقاربات الخيرة، استبشر الناس واستراحت قلوبهم، فلا أدل من هذه البشرى على نزوع اللبنانيين بطبعهم إلى العيش المشترك الذي هو بعينه يشكل لب ميثاق لقائهم السياسي، والنواة الخصبة لعقدهم الاجتماعي، والمعنى السامي لرسالتهم التي يرفع رايتها وطنهم لبنان. نسأل الله تعالى أن يلهمهم إرادة الحفاظ على بلدهم بتضامنهم وتعاضدهم واتفاقهم على مجابهة كل خطر بروح المسؤولية العالية، والوطنية الراسخة. ونسأله تعالى أن يوفقهم في حوارهم البالغ الأهمية برعاية رئيس الجمهورية وصولا إلى رؤية موحدة لبناء الدولة وصون أمانة الاستقلال”.
وختـم: “نتمنى لوطننا ما نتمناه لأمتنا الإسلامية والعربية سائلين الله سبحانه وتعالى أن يلهم القوى كافة إلى طريق التعاضد والتضامن لأن بهما فقط تجد مقاومة العدو مكامن قوتها وسر ثباتها وصمودها”.