عقدت الهيئة العامة للمجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز جلسة استثنائية لها في دار الطائفة في فردان – بيروت اليوم، لمناقشة الاحداث الدامية التي يتعرّض لها أبناء طائفة الموحدين الدروز في جرمانا وأشرفية صحنايا في سوريا، ترأسها رئيس المجلس سماحة شيخ العقل للطائفة الشيخ الدكتور سامي ابي المنى، وشارك فيها الأستاذ وليد جنبلاط، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط، والنواب: مروان حمادة، أكرم شهيب، هادي أبو الحسن، فيصل الصايغ، وائل أبو فاعور، إضافة الى عدد من النواب والوزراء السابقين ورؤساء أركان سابقين وقضاة وأعضاء المجلس المذهبي ومشايخ.
بعد تقديم من امين سر المجلس المذهبي المحامي رائد النجّار، القى سماحة شيخ العقل كلمة قائلا: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه الطاهرين الطيبين معالي الاستاذ وليد بك جنبلاط اصحاب المعالي والسعادة والفضيلة اخواني في المجلس المذهبي ايها الكرام جميعاً. نلتقي اليوم وعلى عجلة من أمرنا لنواجه تحديات مستجدة لم تكن بالحسبان، حصلت في سورية الشقيقة ومع اهلنا الموحدين الدروز الأخوة الأشقاء، الذين تربطنا واياهم صلة الدين والدم والقربى والعروبة والهوية، الهوية الاسلامية العربية، نلتقي علّنا نتدارك ما هو أسوأ وقد تشاورنا مع وليد بك صاحب الرؤية الثاقبة في أنه لا يمكن ان تمر هذه الحوادث التي حصلت دون ان نلتقي ونصوب الأمور. إن ما حصل كان مشروع فتنة والفتنة أشد من القتل، هو مشروع فتنة بان يسجل صوتٌ مشبوه كلاماً يسيء الى النبي عليه الصلاة والسلام، ومتى كنا نرضى ان نسيء الى النبي الى رسول الاسلام الى خاتم النبيين صلوات الله عليه وهو من اتى برسالة السلم والرحمة “وما ارسلناك الا رحمة للعالمين”.
أضاف: “متى كان الموحدون الدروز لينالوا من نبيهم ويسيئوا الى انفسهم والى دينهم، هذا امر مرفوض وقد تبين ان التسجيل مركّب من اصحاب الفتنة، لكن هذه الفتنة وهذا التسجيل جرّ الى ما وصلنا اليه فكانت السجالات وكانت التجاذبات والتوترات، وارض سورية خصبة ربما، في ظل هذا الواقع المتغير بعد ان اسقط السوريون نظام القهر والظلم والفساد والاستبداد، هل بعد هذا الانتصار يجوز ان ينطلقوا الى محاربة بعضهم بعضاً، وهل يجوز لاحد مكونات سورية ان يقف موقف العداء لهذه الثورة التي قلعت نظام القهر من اساسه لتنطلق الى بناء دولة جديدة؟ صحيح ان هناك اموراً ومستحقات مطلوبة من الدولة ولكن لنعطي هذه الدولة الفرصة لتتمكن من بناء مؤسساتها، وعلى الدولة ايضا مسؤولية بان تحفظ حقوق الناس حقوق المكونات حقوق الشعب السوري بكل اطيافه ومذاهبه والموحدون الدروز احد هذه الاطياف والمذاهب الذين سطّروا في سورية صفحات مجيدة لاستقلال سورية ولتحقيق الوحدة الوطنية في سوريا ايام سلطان باشا الاطرش ومن بعده “وما كان الدروز قبيل شر وان أخذوا بما لم يستحقوا”، هذا ما قاله احمد شوقي، وهذا ما قالته الاقلام وهذا ما قاله الاعلام في الموحدين الدروز الذين ما كانوا يوما الا وطنيين عروبيين مسلمين موحدين، لكن ما حصل يدل على ان هناك يداً خفية تعمل على اذك النزاع، نحن اذا كنا ندين هذه الاساءة للنبي وندين ردة الفعل ايضاً والسجالات التي حصلت على وسائل التواصل الاجتماعي التي اذكت نيران الفتنة، لكننا نستنكر وندين التعرّض للمقدسات”.
تابع: “اننا ندعو للتنبّه الى الكلام “الفتنوي” المدسوس كي لا يجرّنا مرة بعد مرة الى الفتنة، وندعو عقلاء الطائفة وهم كثر والحمد الله، الى تحمّل مسؤولياتهم في ضبط الأمور، وفي ضبط الخطاب التحريضي، على الأقل من جهتنا، كي لا يكون هناك خطاب فتنوي تحريضي ومذهبي. كما ندعو الحكومة السورية وهي المسؤولة وقوى الامن، لتحمّل المسؤولية في ضبط الفصائل المتطرّفة وردّات الفعل الغرائزية، التي أدّت الى ما وصلنا اليه، كما ندعو الدول المعنية بالواقع السوري والمؤثرة، للتدخل الفوري والعاجل لوقف الانهيار الأمني الحاصل في سوريا. اننا ننبّه أيضا الى المخططات التي توصلنا الى ما وصلنا اليه، هناك مخططات مشبوهة تسعى الدولة العدوّة إسرائيل الى تنفيذها في سوريا وسوريا ارض خصبة، وكذلك كل المنطقة لتنفيذ المخططات التوسعية والهيمنة على الشعبين السوري والعربي. وإننا نؤكد عدم قبولنا بتلك المخططات ولن نكون الا كما كان اجدادنا ثابتين بانتمائهم العربي والإسلامي”.
ومضى يقول: “ان هويتنا عربية، مذهبنا توحيدي وديننا هو الإسلام “ان الدين عند الله الإسلام” ولا دين غير الإسلام، اسلام الرحمة هو ديننا وان كان مذهبنا هو التوحيد لكن عمقه وجذوره هو الإسلام وإننا نعتّز بذلك. لذا نرفض المخططات التي تدفعنا الى ان نكون دينا مستقلا او قومية مستقلة هذا امر مرفوض ويجب ان يتنبّه اليه المسؤولون والعقلاء الموحدون ان لا تكون خطاباتهم باتجاه خلق قومية خاصة او في حالة عدائية مع أي مذهب إسلامي ومع اهل السنة الذين تجمعنا بهم علاقة وطيدة أكان في لبنان او في سوريا. لقد تواصلت اليوم مع صاحبي السماحة مفتي الجمهورية اللبنانية ومفتي الجمهورية السورية حول الامر واكدا لي انهما لا يقبلان بمثل هذه الاعتداءات التي حصلت على الموحدين الدروز وبالتصنيف الذي جرى لكأننا خارجون عن الإسلام هذا امر مرفوض من قبلنا، فنحن اهل حوار ومحبة ودراية”.
وختم شيخ العقل: “نترحم على الشهداء الذين سقطوا في جرمانا وفي أشرفية صحنايا وندعو للجرحى بالشفاء وللعائلات بالأمان. نعم الوضع دقيق ولكن وليد بك والقيادات السياسية والأمير طلال أرسلان تواصلت معه وهو يبلغكم تحياته ويشد على أيدينا فيما سنقوم به، لاحتضان أهلنا وتهدئة الوضع. لا نريد ان تكون ردّات الفعل من شبابنا واخواننا غير مقبولة او قطعا للطرقات او اتخاذ مواقف سلبية، تؤجج الوضع ولا تعطي النتيجة المتوخاة. النتيجة تكون من خلال التواصل والعلاقات السياسية والدبلوماسية وفي مثل الموقف الذي نقفه اليوم، لنقول للعالم اننا ثابتون في انتمائنا وارضنا ووطنيتنا وهويتنا”.
جنبلاط
كما القى الأستاذ وليد جنبلاط كلمة قال فيها: “سألخّص بعض النقاط المطلوبة من أجل وأد الفتنة. سوف أنطلق من كلمة حفظ الإخوان. حفظ الأخوان يكون كيف؟ بإهانة النبي محمّد؟ بإهانة الإسلام؟ اي بإهانتنا نحن؟. ليس بهذه الطريقة نحفظ فيها الإخوان، لذلك لا بد من نفي الامر كما فعل سماحة الشيخ سامي أبي المنى، لا بد من موقف واضح وصريح لإدانة هذا الموقف اللّا مسؤول من أي كان الذي تجرّأ وأهان النبي محمد والإسلام. حفظ الإخوان يكون بالدعوة إلى التهدئة وإلى الحوار ودعوة السلطة السورية بأن تقوم بتحقيق شفّاف يتبيّن من خلاله كيف وقعت الحادثة على مشارف جرمانا. حفظ الإخوان يكون في الاتصال المباشر مع القيادة السورية، وإنّني على استعداد لأن أذهب إلى دمشق مجدّداً، وأن أتحاور معهم، وأن نضع أسس لمطالب الدروز الذين هم جزء من الشعب السوري. حِفظ الإخوان يكون برفض التدخّل الإسرائيلي، لأنّ ما يجري اليوم من خلال الشيخ موفق طريف وأتباع الشيخ طريف، يريدون توريط بني معروف في لبنان وسوريا في حرب لم تنتهِ ضد المسلمين، وإذا كان أحد منكم يظن أنّ هذا المشروع الإسرائيلي مختلف عما أقول فهو واهم. أقلية صغيرة يراد منها محاربة كل المسلمين، وتعلمون في هذا العجز العربي، سنُتّهم بأنّنا جنود عند الجيش الإسرائيلي، وتكون حرب بلا هوادة لا أول ولا آخر لها، والذي يظن بأنّ إسرائيل تستطيع أن تخسر شيء فهي لا تخسر، بل ستستخدم الدروز ولا تبالي”.
أضاف: “حفظ الإخوان يكون بإسكات بعض الأصوات في الداخل التي بدأت تستنجد بإسرائيل. هنا أتوقّف عند زيارة المشايخ إلى مقام النبي شعيب. أحترم مقام النبي شعيب، لكن لست موافقاً في هذه اللحظة على هذه الزيارات المتكرّرة التي أدّت إلى ما أدّت إليه من توترات”.
وتابع جنبلاط: “علينا أن نتفهّم الآخر، خاصة أنّ الدولة السورية تبدأ بترميم نفسها بنفسها. ثمّ علينا ألا ننسى بأنّ رموز النظام السابق في كل مكان من بلاد العلويين إلى بلاد الشام، إلى كل مكان لم تستطع بعد أن تستأصل رموز النظام السابق. هم خدمونا في إحدى المراحل، وإنّهم اعتقلوا إبراهيم الحويجي، قاتل كمال جنبلاط والآخرين، لكن هناك المئات مثل إبراهيم الحويجي وفي أي لحظة يتحركون. ورأينا بالأمس ما صرح به رامي مخلوف. هذا يتطلب منّا انتباهاً دقيقاً”.
وقال: “حفظ الإخوان يكون بتشكيل لجنة من قبلكم، والاتصال بجميع المراجع الدينية، وبكل “المدوريّات” دون استثناء، ونسترشد منهم، ونسير على خطاهم دون استثناء. هذه هي كلماتي، ونحن في بداية مرحلة جديدة. أمّا أن نقتنع بأنّه لا بد أن نعيش في سوريا موحدة مع احترام التنوّع، أو أن ننساق إلى المشروع الإسرائيلي الذي لم يترك درزياً في مناطقه، وهو يريد تهجير الدروز إلى قرب الحدود الأردنية – الإسرائيلية، واستخدام الدروز لا أكثر ولا أقل”.
وختم جنبلاط قائلا: “نحن الدروز نمتلك في مناطق واسعة جميلة جداً رأيناها في إدلب، وعندما انتقدني البعض منذ سنوات عندما تدخلت مع الجولاني لحفظ الدروز، حافظت على الدروز في إدلب. انتقدني البعض، لكن من خلال اتصالي مع الجولاني والأتراك حافظت عليهم. إنني على استعداد للقيام بكل الخطوات، لكن لابد من برنامج واضح وإسكات المشكّكين في الداخل الذين يستنجدون بإسرائيل”.
ثم جرى بعد ذلك تقديم مداخلات من الحضور للنائب السابق د. عصام نعمان وللنائبين حمادة وابو فاعور ولبعض الحضور.
اتصال
وتلقى سماحة شيخ العقل اتصالا هاتفيا من نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب حول المستجدات الحاصلة.