معهد الأمير السيد للعلوم التوحيدية استقطب 50 طالباً
الشيخ هادي العريضي:
نعمـــل علــى إعــداد الكــوادر العلميـة والشخصيـــات الدينيــــة القــــادرة على التصدِّي للتحديّات الفكرية المعاصــرة
بعد سنتين من انطلاقته، خطا معهد الأمير السيد الجامعي للعلوم التوحيدية خطوات كبيرة في طريق التحول إلى المؤسسة الأولى المولجة بتكوين الكادرات المؤهلة للتعليم الديني والإرشاد وفق منهج واضح ومقررات يتم التشاور عليها مع القيادات الروحية للطائفة، وهو ما سد ثغرة مزمنة وفتح الباب واسعا لتنمية نخبة متضلعة بعلوم الدين وفقه العبادات وعلوم القران. فأين بلغ المعهد في جهوده وما هي الخدمات التي يقدمها في مجال التعليم والتنشئة الروحية؟
“الضحى” التقت رئيس اللجنة الدينية في المجلس المذهبي ومدير المعهد الشيخ هادي العريضي الذي تكرم بإعطائنا فكرة شاملة ومشجعة عن هذا الإنجاز الفريد. وفي ما يلي حصيلة اللقاء::
> كيف انطلقت فكرة المعهد؟
فكرة إنشاء معهد للعلوم التوحيدية قديمة وطرحت مراراً بسبب ما نعرفه عن غياب مؤسسة يتم فيها توحيد المفاهيم والمقررات بدلا من الجهود الفردية المشكورة التي يقوم بها بعض الإخوان من حيث الاهتمام بالنشء الطالع والمهتمين بعلوم الدين والتي يمكن أن تفسح في المجال للاجتهاد. إن لدينا والحمد لله مرجعيات روحية يمكن الاستنارة بها لكن التعليم في عصرنا بات يحتاج إلى مؤسسات وإلى استمرارية.
> ما هو النموذج الذي بني عليه المعهد؟
تأسس المعهد وفق أحدث مفاهيم التعليم المعتمدة من مؤسسات التعليم الديني والتي تختلف بالطبع في برامجها ومعاييرها وأساليب التعليم والتأهيل فيها عن معاهد التعليم الجامعية التقليدية، واستفادت دراسة المشروع من الخبرات المتجمعة لعدد كبير من مؤسسات التعليم الدينية ……، كما أخذت في الاعتبار طبيعة الحاجات الخاصة للطلاب وللمجتمع التوحيدي، والأمر الأهم أننا لا نستهدف التعليم النظري بقدر ما نهتم بالتربية والتأهيل وبتخريج كفاءات يمكنها أن تنقل مفاهيم التوحيد وأن تغرس أسس السلوك التوحيدي الشريف في عقول ونفوس الأجيال الجديدة.
> ما هو مغزى اختيار بلدة عبية كمقر للمعهد وما هي دلالة الشعار الذي تبنيتموه؟
السيد الأمير عبد الله التنوخي (ق) يمثل للموحدين في كل مكان قامة عظيمة في التقوى والعلوم والإرشاد، فهو في نظرهم مجدِّد الإيمان ومحيي الالتزام بالشريعة وبفرائض العبادة وهو على مرّ الأزمان المرجع الذي يتدرج السالكون وأهل الدين في تعاليمه ومخزون حكمته الواسع، فليس من قبيل الصدفة أن يحمل المعهد اسمه تبركا بمكانته وكذلك شعورا بالمسؤولية في السير على سننه والتزام تعاليمه من قبل الأجيال الحاضرة، وكم نحن بأمس الحاجة اليوم لإحياء سيرة الأمير السيد (ق) والانكباب على ما خلفه لنا من كنوز المسلك التوحيدي وعلوم الدين. أما اختيار عبيه كمقر للمعهد فلِما لهذه البلدة من تاريخ طويل وعريق في رفع شأن الدين وكذلك بسبب توفر أرض الوقف الخاص بالأمير السيد وعملاً بوصيته السامية التي أكد فيها على ضرورة صرف المال على نشر آداب السلوك التوحيدي والتفقّه في الدين.
> كيف بدأ العمل في المعهد كيف تطور؟
كان إطلاق المشروع عام 2012 بعد استلام رئاسة اللجنة فتم عدة لقاءات مع اصحاب الاختصاص وتحديد الموقع وتجهيزه وتنظيم برنامجه والتواصل مع الاساتذة من اجل تحضير منهج ومواد التعليم. وبتقدمة مباركة من الشيخ فريد صعب بقيمة 50 مليون ليرة قامت لجنة الأوقاف بإنجاز الطابق الأرضي من مال الأوقاف ونحن نعبر عن شكرنا للجنة الأوقاف برئاسة الأستاذ عباس الحلبي والمهندس بشير أبوعكر والمهندسة في مديرية الأوقاف كوثر عمار الذين واكبوا إعداد التصاميم واشرفوا على تنفيذ المبنى.
وفي شهر أيلول 2014 باشرنا التدريس بمباركة ودعم واشراف سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن.
أنهينا العام الثاني قبل عيد الفطر وتم الاعلان عن التسجيل للعام الجديد خلال شهر ايلول وسيتم استقبال طلاب جدد. في حين ان اساتذته هم نخبة من اصحاب الاختصاص والباحثين المميزين يصل عددهم الى اثنا عشر مدرسا.
يتم استكمال الطابق الثاني بعد مبادرة كريمة من الأستاذ وليد جنبلاط الذي قدَّم مشكوراً مئة ألف دولار لهذه الغاية، ونحن نأمل انهاء البناء قريبا بهمة الخيرين من أهلنا الكرام.
> ما هي مصادر تمويل المعهد، وهل تأتي من وقف الأمير السيد؟
يمكنني القول إن المصدر الأول لموارد المعهد المالية هو صندوق الأوقاف الدرزية أما المصدر الثاني فهو تبرعات الخيرين من رجالات الطائفة الذين تحمّسوا لدعم مسيرة هذا المعهد الأول من نوعه. وأودّ الإشارة إلى أننا نتبع سياسة إنفاق محافظة فنخصص معظم الموارد لغايات التعليم ونقتصد كثيرا في الإنفاق مع الانصراف في الوقت نفسه إلى الاهتمام بتوفير الموارد للمعهد من مصادر متعددة بهدف ضمان قيامه بدوره واستمراريته
> ما هي أهداف المعهد وبرنامجه التعليمي؟
إنّ مهمّتنا هي توفير الدّروس وفق برنامج مقرّرات محدّدة وتأهيل الطلّاب بما يمكّنهم من فهم التّوحيد عقيدة وشريعة، ومنهاجاً، وإعداد الكوادر العلميّة والشّخصيّات الدينيّة القادرة على التصدِّي للتحدّيات الفكريّة المعاصرة وتنمية حسّ المسؤوليّة لدى الموحّد المسلم تجاه أسرته ومجتمعه بحيث يقترن العلم بالعمل والسّلوك. أخيراً فإنّ من أهداف المعهد إعداد مدرّسين في مجال تعليم المعارف والتّربية التوحيديّة في المعاهد الدينيّة والمدارس العصرية. وأهم الموادّ التي تدرّس في المعهد: أركان الإيمان، السّيرة النّبوِيّة، الفلسفة، علم الأديان، علوم القرآن، القران (تجويد, حفظ وتلاوة) حوار الأديان، علم الحديث ,علم التفسير، فِقْه العبادات، علم النّفس التّربويّ، آداب المستجيب ,اللّغة العربية واجنبية.
> من هم الطلبة المؤهلون لدخول المعهد؟ وما هي المؤهلات المطلوبة للتسجيل؟
المعهد يركز تعليمه الآن على الملتزمين دينيا من الرجال لأننا نعتبر ذلك أولوية، لكننا سنسعى في المستقبل لفتح المجال أمام المريدات العابدات كما سنسعى لتوسيع فوائد المعهد إلى الجمهور من خلال تطوير المكتبة الموجودة اليوم الى مكتبة عامة.
> من هي الجهة المولجة بإدارة المعهد؟
إن اللجنة الدينية في المجلس المذهبي بحكم القانون هي المشرفة على المناهج الدينية في مؤسسات الطائفة ومن ضمنها هذا المعهد وهي التي تصدر التوصيات والقرارات حالياً. ونحن نعمل بتنسيق وبتوجيه من سماحة شيخ العقل، ونسعى للاستحصال على ترخيص من الدولة اللبنانية، كما نستنير بالنصوص المعتمدة من المرجعيات الروحية ويعاوننا في الإدارة مجموعة متميزة من المشايخ الأكارم أعضاء الهيئة التعليمية.
> ما الذي تحتاجونه في المستقبل لتطوير تجربة المعهد وتعزيز دوره؟
المعهد انطلق والحمد لله بفضل الخيرين وبدعم من المجلس المذهبي لكن المهم أن نستمر وأن نرتقي بالمعهد ليصبح فعلا منارة للعلوم ولتنشئة الكفاءات التي نحتاجها لتعزيز ثقافتنا التوحيدية الإسلامية، وهذا يحتاج إلى مزيد من الدعم وإلى اجتماع النخبة من الطائفة حول هذا الجهد، وهذا يحتاج إلى زيادة الدعم عن المستوى المتواضع الذي نحصل عليه الآن. ونحن نناشد أهل الخير مضاعفة الجهود من أجل استكمال أعمال المبنى المؤلّف من 3 قاعات للتدريس ومصلّى وقاعة محاضرات ومكتبة عامة فإن خير الأعمال بالإكمال.
> كلمة اخيرة؟
نشكر مجلة “الضحى” على اهتمامها بهذا الإنجاز، ونتمنى ان تكون منبرا عريقا للثقافة والتاريخ وأن تفسح في المجال لتغطية نشاطات وأعمال لجان المجلس المذهبي، كما نحث إخواننا وأبناءنا على دعم هذه المجلة الفريدة ذات التنوّع الثّقافيّ والاجتماعيّ، ومبدؤنا في ذلك هو التعاون على البرّ والتقوى، وأن تكون مؤسسات الطائفة كلها مساندة بعضها للبعض كالبنيان المرصوص. ونتمنى على الاخوة الملتزمين ان يقصدوا المعهد للتعلم ونتعاون على نقل المعرفة الى ابنائنا الكرام. ويفتح المعهد الباب لكل مريد من اجل انتشار العلم والمعرفة بين ابناء التوحيد. وندعو الى تشكيل مجلس امناء يساعد على تحقيق ما نصبو اليه. ونحن على ثقة بان الغطاء الروحي والمعنوي من سماحة شيخ العقل والمراجع الروحية هو ضمان استمرار ونجاح المعهد وتطويره ضمن منهجية السلف الصالح.
وختاما لا بد من شكر كل شخص ساهم وشارك في انجاح هذه المسيرة. كما نتوجه بالشكر الخاصّ لسماحة شيخ العقل الراعي الأول لهذا المعهد كما أنه لا يبخل أبدا بالنصح والإرشاد وهو المتابع بدقة لمؤسسات الطائفة والساهر على دعمها وتطويرها.