نال رئيس اللجنة الثقافية في المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى شهادة الدكتوراه في العلوم الدينية بدرجة جيد جداً مع توصية بالنشر، من جامعة القديس يوسف – كلية العلوم الدينية، في بيروت، وذلك في موضوع “الحوار الإسلامي المسيحي في لبنان… رؤية الموحدين الدروز”. أشرف على الأطروحة د. أحمد حطيط، وتألفت لجنة المناقشة من الأب د. ناجي أدلبي ود. نهى ملاعب ود. أنطوان مسرّة والأستاذ المشرف، وتمت المناقشة نهار الإثنين، بتاريخ 14 كانون الأول 2015، بحضور ممثّلٍ عن شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز القاضي الشيخ غاندي مكارم ورئيس مؤسسة العرفان التوحيدية الشيخ علي زين الدين ونخبة من مشايخ المؤسسة والقاضي الأستاذ عباس الحلبي والدكتور وليد صافي ورئيس مؤسسة أديان الأب الدكتور فادي ضو والشيخ عباس الجوهري والأب أغابيوس كفوري والشيخ غسان الحلبي والشيخ د. وجدي الجردي والعميد د. رياض شيا وجمعٍ من الأساتذة والطلاب والوجوه الدينية والثقافية والحوارية والمهتمين.
الشيخ أبي المنى هو رئيس اللجنة الثقافية في المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز في لبنان وأمين عام مؤسسة العرفان التوحيدية، حائز على إجازة في اللغة العربية وآدابها من الجامعة اللبنانية (1980)، وعلى ماستر في العلاقات الإسلامية المسيحية من جامعة القديس يوسف (2011)، وهو وجهٌ حواريٌّ معروف، وعضوٌ في أكثر من ملتقى حواري وتربوي، وهو شاعرٌ متميّز، ومحاضرٌ مشارك في العديد من المؤتمرات والندوات الحوارية والفكرية.
وتابع: إن هذه الرؤية الحوارية استنتجتُها من تجربة واسعة لي في مضمار العمل المؤسساتي والاجتماعي في الطائفة ومن خلال علاقاتي العابرة للطوائف، ومن خلال وجوهٍ حواريةٍ توحيدية توقفتُ عندها مليّاً، والتي لم يتسنَّ للباحثين تسليطُ الضوء عليها من قبل، في مثل هذا الإطار البحثي المتعلق بالحوار، مستنتجاً أنّ معظمَ القياداتِ التوحيدية الدرزية أكّدت على الدورِ الحواريِّ والوسطيِّ للطائفة، وعلى تغليب خيار الاعتدال واللاطائفية، وخيار الدولة المدنية الجامعة التي تستمدّ روحيتَها من روح الدين، ومن قيَمِه الإنسانية والاجتماعية، وتتكاملُ معه، بدلاً من أن تعزلَه عن المجتمع، أو أن تتركَ له مجالَ التدخُّل السافرِ في شؤون إدارة الدولة.
وأشار الشيخ أبي المنى إلى أن المفاهيم التوحيدية والمواقف التاريخية والتجارب الاجتماعية، التي بحثتُ في مضمونها، تؤكّد أن الحوارَ شرطٌ أساسيٌّ لبناء مجتمع السلام، وأنه لا بدَّ من الانخراط الفعلي في ميدانه، بدءاً من المؤسسات التربوية والدينية إلى المدنية والرسمية، في محاولةٍ لتعزيز أُسس المواطَنة واحتضان التنوع الديني، ولإقامة التوازن المطلوب على أكثر من مستوى: الديني والمدني، والثابت والمتغير، والدساتير الوضعية والقيم الدينية والاجتماعية، وحقوق الطوائف وحق الوطن، مضيفاً القول: ترسّخ لديّ، بما لا يقبل الشكّ، أنّ الموحِّدين الدروز يُشدّدون، بالإجماع، على هذه التوجّه، انطلاقاً من كونهم أكثرَ الطوائف اللبنانية التي اختبرت الحروبَ والنزاعات الداخلية، وتعرّضت للضغوطات والمؤامرات الخارجية، ودفعت الأثمانَ الباهظة للحفاظ على وجودها وأرضها ودورها، وبالتالي، اكتشفت أنه لا بديل عن الدولة العادلة الجامعة، وعن الحوار والتسويات والمصالحات، وعن سياسة الاعتدال والوسطية والقبول بالآخر المختلف وفهمه والعيش معه، والابتعاد عن التحريض الطائفي… وأنّ تمسّكَهم بالأرض لم يعنِ، إطلاقاً، ادّعاءَ ملكية هذه الأرض، كما أنّ التمسُّكَ بالهوية الخاصة لا يعني القبولَ بالهويات المتقابلة والمتناحرة… إنْ هو إلّا تأكيدُ الرسالة المتميّزة لكلّ طائفة، بحيث تشكّل، معاً، رسالةً وطنيةً واحدة، وهويةً مركّبة مُوحَّدة، هي الهوية اللبنانية، كما أنّ إلغاءَ الطائفية السياسية، وإن كان مطلباً أساسيّاً، إلّا أنه يجب أن يُدرَسَ بدقّة وتروٍّ، كي لا يؤثّرَ في تغليب فئة على أخرى، وكي يأتيَ كنتيجةٍ طبيعيةٍ لثقافةٍ وطنية معمّقة، وتتويجاً لمصالحاتٍ وتسوياتٍ شاملة.
وختم بالقول: لقد حاولت جَهدَ استطاعتي استكشافَ كيفيةِ استفادة الموحدين من عقيدتهم ومن مسلكهم العرفاني، ليكونوا صلةَ وصلٍ وربطٍ بين العائلات الروحية، كما حاولتُ استنباطَ كيفيةِ متابعتهم التجربةَ الحوارية، ليكونوا النموذجَ الصالح في أوطانهم، والعنصرَ الأمثل للمساهمة في البناء الوطنيِّ والإنسانيِّ، انسجاماً مع حقيقة مسلكهم، وانطلاقاً من روحية توحيدهم المنبثق من جوهر وروحية الأديان جميعِها، ومن تجربتهم الاجتماعية والوطنية الطويلة، وتلك هي رسالتي وتلك هي أطروحتي، وأنا مقتنعٌ بأهميتها وتأثيرها، ولكنني أعتَرِفُ بأن الحاجة لا تزال قائمة إلى المزيد من التجربة والبحث.