بسم الله الرحمن الرحيم
{مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}
تعريف الصمت :
لغة : صَمَتَ يَصْمُتُ صَمْتًا وصُموتًا : سَكَتَ. ويُقال لغير الناطق: صامت ولا يقال ساكت.
اصطلاحاً : الصمت سقوط النطق بظهور الحق.
وقيل : الصمت إمساك عن قول باطل دون الحق.
فضل الصمت :
إنّ الله سبحانه وتعالى أعطى للسان فضلا بأن أنطقه بتوحيده من بين سائر الجوارح . وفي هذه الجارحة خصال محمودة فهي أداة يظهر بها البيان وشافع تدرك به الحاجة وواصف تعرف به الأشياء وواعظ ينتهي به عن القبيح ومعز تسكن به الأحزان وملاطف تذهب به الضغينة
إلا أنّ الإنسان إذا عدل بهذه الجارحة عما خلقت له وأطلق لها العِنان دون احتساب للرقابة الإلهية ، كانت آفة عليه فهي أعظم آلة للشيطان في إغواء الإنسان ، و من أطلق لسانه, سلك به الشيطان في كل ميدان، قال المسيح عليه السلام : ” لا تكثروا الكلام في غير ذكر الله ؛ فإنّ الذين يكثرون الكلام في غير ذكر الله قاسية قلوبهم ، ولكن لايعلمون ” .
و قيل لا شيء أحق بالسجن من اللسان فلا ينجو من شرّه إلا من قيده بلجام الشرع، فلا يطلقه إلا فيما ينفعه في الدنيا والآخرة ويستدل على ذلك بقول بشر بن الحارث ( رضي الله عنه ) ” الصَّبْرُ هو الصَّمْتُ، والصَّمْتُ مِن الصَّبْرِ، ولا يكون المُتَكَلِّم أورعَ مِن الصَّامِتِ، إلَّا رجلٌ عالمٌ يتكلم في موضِعِه ويَسْكُتُ في موضِعِه.
ولذلك كلِّه علت قيمة الصمت وسنا فضله وأكسب أهله محبّة ومهابة و عُدّ من اعتاده حكيما . قيل للقمان الحكيم : ما بلغ من حكمتك ؟ قال : لا أسأل عما كفيته، ولا أتكلم بما لا يعنيني.
عن أبي ذر قال « قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا ذر ألا أدلك على أفضل العبادة ، وأخفها على البدن ، وأثقلها في الميزان ، وأهونها على اللسان؟ قلت : بلى ، فداك أبي وأمي قال : عليك بطول الصمت ، وحسن الخلق ، فإنك لست بعامل بمثلهما »
إلّا أنّ الصّمت ينبغي أن يكون مصحوبا بالتّفكر وإلّا كان خرسا ، قال الإمام الصادق ( ع ) : دليل العاقل التفكر ، و دليل التّفكّر الصّمت .
وقيل : اعقل لسانك إلّا عن حقّ توضحه ، أو باطل تدحضه ، أو حكمة تنشرها ، أو نعمة تشكرها .