مما لا شكّ فيه، أن رحيل الكاتب والأديب سلمان ناطور ترك أثراً في نفوس إخوانه الموحدين الدروز في فلسطين، وعارفيه من الشعب الفلسطيني المناضل، ومحبّيه الكُثُر على امتداد البلاد، وهو من كان أحد أعمدة الأدب والثقافة الذين حاولوا في ما كتبوا وألّفوا أن يزرعوا القضية الفلسطينية في فكر الشباب الفلسطيني والأجيال الصاعدة، وأحد أبرز الشخصيات المعروفية الذين أكّدوا انتماء طائفتهم الموحِّدة إلى عروبتها الأصيلة وتاريخها العريق.
كان سلمان ناطور حريصاً على حفظ التراث، وأميناً في نقل صورةٍ صحيحة عن مجتمعه وتاريخ قومه وأعلام طائفته ووطنه… وقد واجهَ التّحديات بصلابةٍ وحكمة، ودافع عن قناعاته ومبادئه، بأسلوبه التربوي التثقيفي، فكانت له الكلمة المسموعة، وكان لأدبه التأثير الفعّال، محاكياً الماضي ليرسم من خلاله المستقبل، معلناً أنه لا يمكن لأي شعبٍ أن ينال حريته واستقلاله إذا تخلّى عن هويته وانتمائه وذاكرته، معتبراً في هذا المنحى أن العمل الثقافي يشكل نوعاً من المقاومة الوطنية، اقتبسها ناطور من تراث طائفته المعروفية، ومن تاريخها المفعم بالدفاع عن الأرض والكرامة، ومن انتمائها المتجذر في العروبة والإسلام.
لقد استحق سلمان ناطور التكريم في حياته من أكثر من جهة، في قريته دالية الكرمل وفي غيرها، نظراً لإبداعه الأدبي والمسرحي، الذي تمحور حول الذاكرة الشخصية للمؤلف والذاكرة الجماعية الفلسطينية، منذ أيام الانتداب البريطاني إلى أيام الاحتلال الإسرائيلي، وقد أبرز فيها شخصيات معروفية ووطنية كان لها الدور الأساس في المواجهة والمواقف المشرّفة.
إننا، إذ نتقدّم من عائلته الكريمة ومن أهلنا الموحدين في فلسطين، ومن أبناء وطنه جميعاً، باسم اللجنة الثقافية في المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز، بأحر التعازي لفَقده، فإننا، بذلك، نعبّر عن عميق تقديرنا لعطاءاته الوفيرة، أكان من خلال كتبه ومسرحياته، أو من خلال كتاباته في مجلة العمامة وفي غيره من المجلات، آملين المحافظة على رسالته، والاستفادة من رصيده الأدبي والوطني، والسير في خُطى الشرفاء الأحرار أمثاله من بني قومه وقوميته، كي تبقى فلسطين منارة العروبة والحرية والكرامة، وكي يبقى الموحِّدون فيها وحدةً متكاملة مع إخوانهم في الوطنية والمصير المشترك.
* فضيلة الشيخ د. سامي أبي المنى رئيس اللجنة الثقافية في المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز.