بحث ..

  • الموضوع

سماحة شيخ العقل في كلمة مؤتمر صون الأسرة والقيم: مساهمة روحية وعلميةٌ ووطنية لصون الأسرة والوطن

رعى سماحة شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي ابي المنى والرؤساء الروحيون مؤتمر “صون الأسرة والقيم” الذي عقد في الأونيسكو، وكانت لسماحة الشيخ ابي المنى كلمة افتتاحية مصورة جاء فيها:

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه الطيبين وعلى أنبياء الله ورسله الطاهرين

أيُّها الكرامُ والأحبّة، أحييكم جميعاً وأَخصُّ بالتحية الأخوةَ الكرام في الملتقى اللبناني لصونِ الأسرة والقيم، ممثلي الرؤساء الروحيينَ الأفاضل الذين توافقنا وإياهم على إطلاق هذا الملتقى لكي نتحمَّل المسؤولية معاً كمؤسساتٍ دينية، وبالتعاون مع المؤسسات التربوية والاجتماعية والجمعيات المهتمة، ومع الدولة، في مهمة صون الأسرة والقيم الأخلاقية والإنسانية، والتي تنطلق جميعُها من منطلق واحد وتُفضي إلى غاية إنسانيةٍ واحدة مهما تعدّدت الدياناتُ والمذاهب والأشكالُ والأحوال.

إخواني الأكارم، مهمّتُكم صعبة ولكنَّها بالغةُ الأهميّة، فجميعُنا أمام تحدٍّ، ومجتمعاتُنا تكاد تفقد التوازنَ في زمن العولمة، ونقص الإيمان، والانفتاح اللامحدود، والاجتياح الأعمى للأسرةِ والمجتمع باسم المدنية، جميعُنا أمام تحدٍّ ومجتمعاتُنا بحاجةٍ إلى إنقاذ، والمواجهةُ تبدأ بتعزيز الإيمان في القلوب والعقول، وبالتربية على القيم الأخلاقية والاجتماعية، في العائلة أوَّلاً، ومن ثمّ في المدرسة وفي المؤسسة الدينية وفي المجتمع، والدولة مَعنيَّةٌ بحفظ النظام العام واحتضان المؤسسات وبالتشريع المسؤول لصون تلك القيم، أمَّا إذا تخلَّى أحدُ هذه المكوِّناتِ عن دوره فعند ذلك يبدأ الخوف من تفكُّك المجتمع، بدءاً من الانحلال في الأسرة إلى الانحدار في سلَّم القيم.

قال تعالى في كتابه العزيز:

“يَا أيُّها النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا ونِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا”. صدق الله العظيم

وتقوى الله التي أشارت إليها الآيةُ الكريمة تبدأ بتهذيب النفس وتأديبِها لتتمكن من تهذيب مَن حولَها وتأديبِهم، من الأبناء والأقرباء والأصدقاء والعموم، فالله رقيبٌ عليم، والإنسانُ مسؤولٌ على قدر طاقته وفي نطاق حضوره، مسؤولٌ بما أُوتيَ من طاقةٍ عقلية ومن قدرةٍ على التمييز. الإنسانُ مسؤولٌ تجاه نفسه وتجاه عائلته وتجاه المجتمع والإنسانية، وعليه أن يُحافظَ على التوازنِ بين ما هو متطوِّرٌ ومتغيِّر وبين ما هو ثابتٌ لا يتبدَّل، أمَّا إذا استخفَّ المرءُ أو المجتمعُ أو الدولةُ بالثابت من الإيمان والقيم والنظام الإنساني فإنّ في ذلك هدماً للإنسان وللعائلة وللمجتمع وللكيان الإنساني.

أيُّها الكرامُ، مؤسِّسين ومحاضرين وحاضرين، مؤتمرُكم هذا بداية، وربما ستُشَنُّ عليه حملاتٌ تتّهمُكم بالتخلُّف والتشدُّد، ولكنّ ما نقوم وتقومون به نابعٌ من رسالةٍ دينية وطنية اجتماعية وإنسانية، لا تخلُّفَ فيها ولا تحجُّرَ ولا إكراه، بل محاولةٌ روحية علميةٌ ووطنية للمساهمة في صون الأسرة وفي صون القيم التي تحفظ الأسرةَ والمجتمعَ والوطن.

قال النبيُّ عليه الصلاةُ والسلام: “إِنَّمَا بُعِثتُ لِأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخلَاقِ”، أي لبناء الإنسانِ والمجتمع، لأن في غيرِ ذلك يكونُ هدمَ الإنسان والمجتمع، ولهذا قال شوقي يوماً:

وإذا أُصيبَ القوم في أخلاقهم ​​فأقِمْ عليهم مأتماً وعويلا

وقال:

وإنَّما الأممُ الأخلاقُ ما بقيتْ​​​فإنْ همُ ذهبتْ أخلاقُهم ذهبوا

وقد قلنا بعدَه في إحدى القصائد تأكيداً على انتصار الحقِّ وعلى تكامل العقل والإيمان والأخلاق:

الحقُّ حـقٌّ، ومهما الباطلُ ارتفعت​​راياتُه، سيكونُ الحقُّ مُنتصِرا                     بقـوّةِ العقـلِ، بالإيمــانِ مُبتَدَءاً​​وبالفضيـلةِ تبقـى وحدهـا الخَبَـرا

وفّقكم الله لتحقيق ما نصبو وتصبُون إليه، وعسى أن يُسفرَ مؤتمرُكم هذا عن منهجٍ وبرنامجٍ وخطة عملٍ وخريطة طريق، ونحن إلى جانبِكم في هذه المواجهة الإيجابيّة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتُه.

البيان الختامي

وركّز البيان الختامي للمؤتمر على النقاط التالية:

– التاكيد على مسؤولية وزارة التربية والمؤسسات التعليمية والتربوية ودورها الأساسي في تحصين افراد الاسرة اللبنانية عبر مناهج تربوية ودورات إرشادية وحملات توعوية يشارك فيها اخصائيون وافراد الهيئة التعليمية والاهل والطلاب.

– دعوة الجمعيات الاهلية والمراكز الأسرية وجميع الجهات المعنية بالتربية والتعليم الى تضامن اوسع وتعاون اكبر لدعم برامج التوعية من اجل تحصين الاسرة اللبنانية.

– التاكيد على وزارة الداخلية والبلديات التشدد في ضبط الجمعيات والمجموعات التي باتت تهدد الاسرة اللبنانية بدعواتها غير الاخلاقية التي تتجاهل القوانين والقيم الدينية وتسعى الى اعادة صياغة المجتمع والانسان تحت مسميات جديدة كالجندرة وما يشابهها.

– القيام بما يلزم من قبل البرلمان اللبناني لتشريع وتعديل قوانين تحفظ منظومة الاسرة اللبنانية وتحميها من عبث المشاريع والبرامج التي لا تتلاءم مع قيمنا اللبنانية.

– التاكيد على وزارة الاعلام العمل على نشر التوعية وتطوير الوسائل التي تقي من خطر الانحرافات الاخلاقية والتعرف على مظاهرها والتعاون مع مختلف المؤسسات الاجتماعية لمواجهتها بطرق علمية وواقعية وعدم التشجيع على قبول مثل هذه السلوكيات.

– تطوير أنظمة الاحوال الشخصية لتتلاءم مع الواقع. وتطوير اداء المؤسسات المعنية بالامر تربويًا وثقافيًا وقضائيًا واجتماعيًا ونفسيا لأجل حماية الاسرة.

المؤتمر

وكان قد حضر المؤتمر رئيس المحكمة الاستئنافية الدرزية العليا لطائفة الموحدين الدروز الشيخ فيصل ناصر الدين ممثلاً سماحة شيخ العقل الى جانب عدد من المشايخ واعضاء المجلس المذهبي، وتخلله مداخلة ترحيبية لعضو الهيئة الوطنية لصون الأسرة والقيم عضو المجلس المذهبي الشيخ سامي عبد الخالق وكلمة ختامية لشكر المشاركين والتأكيد على متابعة توصيات المؤتمر.

مشاركة المقال

التعليقات

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اترك تعليقاً

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المقالات ذات صلة

السابق
التالي

تصنيفات أخرى